إذا أردت أن تعرف ماذا فعلت حرب أكتوبر في إسرائيل من الداخل، عليك أن تقرأ بعض ما كتبته الصحف الإسرائيلية، التي تتعامل مع هذه الحرب باعتبارها صدمة لم يكن يتوقعها قادة الحرب في تل أبيب.
صحيفة «إسرائيل تايمز» كشفت عن بعض الصور التي نشرها «أرشيف إسرائيل» الحكومي الرسمي بمناسبة الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر، التي أطلقت عليها الصحيفة «حرب يوم الغفران».
وقالت الصحيفة إن آلاف الوثائق والصور والتسجيلات ومقاطع الفيديو، التي تم توثيقها في الأرشيف توفر نظرة متعمقة على الطريقة التي تم بها التعامل مع الحرب والفشل الاستخباراتي (الإسرائيلي) الكبير الذي سبقها.
من بين الصور التي حرصت الصحيفة الإسرائيلية على نشرها عبر موقعها الإلكتروني، صورة بألف صورة.. صورة قد تبدو عادية.. ولكنها في الواقع تُلخص مباراة كبيرة ومعركة خارج خطوط المواجهة.. نجحت فيها مصر في خداع إسرائيل.. الصورة لجندي في البحرية الإسرائيلية يتزوج حبيبته في قاعدته العسكرية، قبل حرب أكتوبر 1973 بأيام قليلة.
(الصورة تنقل دلالة حالة الاطمئنان الإسرائيلي لعدم إقدام مصر على الهجوم أو مجرد التفكير في الحرب وهو ما يؤكد التجهيز الاستخباراتي المصري وتعمد نقل صورة غير صحيحة للجانب الإسرائيلي بأن مصر غارقة في مشكلاتها، وأنها -خلال فترة زمنية طويلة- لن تهاجم القوات المُحتلة ناحية الضفة الغربية بأعداد كبيرة من الجيش المصري).
الصورة التي تم نشرها بالأبيض والأسود، مكوناتها عبارة عن جنود في القوات البحرية بالجيش الإسرائيلي يحملون قاربًا مطاطيًا (من النوع الذي يصاحب السفن المتوسطة لاستعماله في التحرك لمسافات صغيرة) وكان يقف فوق هذا القارب الجندي الإسرائيلي وخطيبته، في احتفالية داخلية بزواج الجندي الذي اطمأن قلبه وقلوب قادته أن مصر لن تهاجم!
الخداع الاستراتيجي الذي أدارته القيادة المصرية، في ذلك الوقت، بكل احترافية وقدرة وكفاءة عبر أجهزتها ومؤسساتها كان سببًا فاعلًا في مُباغتة العدو الذي فقد توازنه، مثلما قال الرئيس السادات، في ست ساعات.
وقالت المسؤولة عن الأرشيف روتي أبراموفيتش: «هذه نظرة شاملة على قصة الحرب، التي أثرت على جميع مناحي الحياة في إسرائيل».
الصحيفة الإسرائيلية كشفت عن توفر بعض الوثائق والسجلات للمداولات التي جرت بين رئيسة الوزراء آنذاك جولدا مائير وقادة الأمن في الأيام والساعات التي سبقت شن سوريا ومصر الحرب المنسقة في 6 أكتوبر 1973 بينما كانت إسرائيل تحيى يوم الغفران!.
وقالت الصحيفة من خلال تحليلها لمعلومات موقع الأرشيف الحكومي: «لم تتوقع إسرائيل تنفيذ الهجوم ضدها على الرغم من العلامات الصريحة التي أشارت إلى أن الجيشين يستعدان للغزو، معتقدة أنه في أعقاب هزيمة مصر قبل ست سنوات في حرب الأيام الستة، فإن القاهرة لن تهاجم إلا إذا اكتسبت أولًا القدرة على شل سلاح الجو الإسرائيلي».
وأضافت: «قبل يوم من بدء الحرب، قال رئيس المخابرات العسكرية إيلي زعيرا لرئيسة الوزراء جولدا مائير إن التقييم السائد هو أن جاهزية إسرائيل تنبع بشكل أساسي من الخوف منا.. أعتقد أنهم ليسوا على وشك الهجوم، ليس لدينا دليل. من الناحية التقنية، هم قادرون على التحرك. وافترض أنهم إذا كانوا على وشك الهجوم، فسنحصل على مؤشرات تنبهنا لذلك». (طبعًا المؤشرات لم تظهر.. ولم تفق إسرائيل إلا بعد 48 ساعة).
وفي تقييم آخر بعد ساعات، كرر زعيرا ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي دافيد إليعازر موقفهما القائل بأن «سوريا ومصر تخططان على الأرجح لعدوان محدود أو حتى مجرد نشر قوات دفاعية».
وأضاف إليعازر: «لا بد لي من القول، لا يوجد لنا دليل كاف على أنهم لا ينوون الهجوم. ليس لدينا مؤشرات قاطعة على أنهم يريدون الهجوم، لكن لا أستطيع أن أقول بناء على المعلومات إنهم لا يستعدون».
وبعد يوم من وقوع الهجوم – الذي فاجأ إسرائيل لأنه حدث في وقت أبكر مما كان متوقعاً – اعترف ديان لمائير وألون بأن تقييماته حول الحرب كانت خاطئة.
وقال: «كان لدينا تقييم يستند إلى الحرب السابقة عام 1967، وكان تقييمًا غير صحيح. لقد كان لدينا ولآخرين تقييمات خاطئة حول ما سيحدث أثناء محاولة عبور قناة السويس».
كل هذه التفاصيل، التي أوردتها مستندات ومعلومات الأرشيف الرسمي للحرب –من وجهة نظر إسرائيل– لخصتها صورة خطوبة الجندي الإسرائيلي الذي طلب الاحتفال بعرسه وسط القوات البحرية، وسمح له قياداته بالاحتفال، قناعة منهم بأن مصر لن تحارب، بنفس القدر الذي سعت أجهزة المخابرات المصرية (العامة والحربية) لتوصيله لقادة إسرائيل وأجهزتها المخابراتية.
رحمة الله على كل من حمى ترابنا الوطني سواء رحل عن دنيانا أم ما زال على قيد الحياة.. رحمة الله على الرئيس السادات، رحمة الله على كل جندي أو ضابط استشهد في حروبنا من أجل حماية هذه الأرض المصرية الغالية التي يستهدفها الغزاة، ويحميها البواسل من كل محاولة للاستيلاء عليها.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية