مدارس غزة بلا أطفال بسبب عمليات الموت الجماعي، شوارعها أطلال، مستشفياتها بلا مرضى، الجميع ماتوا، مصانعها بلا عمال، دوائرها بلا متعاملين.. أوشكت غزة أن تتحول لمدينة للأشباح بعد توقف كل أنواع الحياة فيها بسبب الهجمة البربرية لليهود برا وجوا وبحرا في واحدة من أكبر المجازر إبادة على مر التاريخ.
إحداثيات العدو تستهدف كل شيء بلا أخلاق، ولا وازع من الضمير أو مراعاة للمواثيق والقوانين الدولية، وأخرها مستشفى مرضى السرطان، وقبلها المدارس والمستشفيات وحرق كل مؤشرات الحياة على وجه الأرض الطيبة بقنابل فسفورية محرمة دوليا قد تمتد آثارها لأجيال قادمة ويدفع ثمنها غاليا من لا ذنب لهم.
صوت المدافع والبارود أقوى من عبارات الشجب والتنديد ومصمصة الشفاه ورفع الحواجب واتساع حدقة العيون مع تسمر الأقدام وهول الموقف وذهول من الأحداث المتسارعة، منتظرين المدد والعون من الآخرين ليمنحوا المنطقة قبلة الحياة في حياء وخجل لتتعالى بعدها صيحات التأييد وركوب الموجة وارتفاع الشعارات الجوفاء الرنانة حتى تحدث كارثة أخرى، فينزووا من جديد دافنين رؤوسهم في الرمال لأنهم يجيدون مدرسة النعامة.
الموقف المصري في الصراع العربي الإسرائيلي وخاصة في الأحداث الأخيرة الأكثر واقعية ووضوحا وثباتا، فلسطين أرض عربية محتلة وستبقى عربية إلى يوم الدين، رافضا للتهجير والوطن البديل والنزوح، متمسكا بحل الدولتين وفقا لحدود 1967 وإقامة دولة فلسطين مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
والجبهة الداخلية مؤيدة بقوة لقرارات القيادة السياسية وملتفة حولها والأكثر دعما لأشقائنا الفلسطينيين في محنتهم على المستويين الإنساني والدبلوماسي، ويبقى معبر رفح شريان الحياة لآلاف الفلسطينيين في غزة المحتلة لتقدم مصر من خلاله وتشرف على ما ينقل عبره من مواد إغاثية عاجلة وأدوية وغيرها لتخفيف وطأة الحرب والحصار.
وارتباط مصر بـ القضية الفلسطينية ارتباطا أبديا من قبل النكبة عام 1948 مرورا بأعوام 73،67،56، فلم تنس مصر يوما ولم ينس المفاوض المصري والدبلوماسية المصرية حق الأشقاء، كما دفعت مصر العديد من أرواح شهدائها الأبرياء ثمنا للقضية الفلسطينية عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
الموقف المصري الصلب المتطابق في السر والعلن في وجه المحتل وأعوانه والمتواطئين معه، دفع حلفاء إسرائيل وخاصة الحليف الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية إلى دفع بايدن في اتصال تليفوني مع الرئيس السيسي إلى التوافق على حل الدولتين بصفته الحل الأمثل لصناعة السلام في الشرق الأوسط كقوة لبسط السلام في العالم.
باختصار.. العالم الآن أصبح مختلفا تماما، يعتمد على التكتلات ومراكز القوى ولا مجال فيه للحنجورية وأصحاب الشعارات الجوفاء، وإذا كنا قد فشلنا كمسلمين حول العالم وعرب أن نصنع تكتلا عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا يحمينا من هجمات الأعادي ويحفظ الأرض ويصون العرض فما أحوجنا إلى مدرسة أضعف الإيمان أن نشمر سواعدنا وتشتد قوانا عندما تتعرض شقيقة عربية أو إسلامية لاعتداء ماجن أن نقول جميعا إننا أمة واحدة لا تقبل الذل والهوان، وقد علمنا نبينا الكريم أن ننصر أخانا ظالما أو مظلوما، فنحن أكثر حاجة للوحدة والتكتل أكثر من أي وقت مضى، لنضمن للأجيال القادمة حياة أكثر طمأنينة بدلا من أن نترك لهم دويلات متفرقة أكلتها الذئاب ويتربع على بقاياها الخونة والمتآمرون.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية