المفاجآت المأساوية المفجعة المرتبطة برحيل الزملاء والأحبة وقعها يفقد الإنسان توازنه ويصيبه بصدمات نفسية عنيفة تستدعي من العقل الباطن مواقف شبيهه تفجر بداخله براكين من الحزن والألم قد تمتد لفترات طويلة.
أمس الأول كان يوما غير عاديا بالنسبة لجميع الزملاء بمؤسسة الوفد الصحفية «جريدة وبوابة إلكترونية»، كنا جميعا على موعد مع الأحزان التي اقتحمت المؤسسة بدون استئذان فحولت السكينة إلى بركان من الحزن والدموع لفراق زميلنا الشاب الصحفي حسن المنياوي في حادث أليم.
بعد صلاة الجمعة، وأثناء تجهيزنا لعدد الجريدة الورقية ليوم السبت، هجم علينا الحزن برقا وبلا مقدمات، حسن المنياوي مات!
ثلاث كلمات فقط تحتوي على 14 حرفا ما أثقلهم على القلب وما أشد وقعهم ضراوة على النفس، حيث تتوه الحروف فوق الألسن وتتحجر الأعين وتزداد دقات القلب وتدور الدنيا وتجد نفسك تبحث عن متكأ قبل أن تخور قواك، ولا يسعف النفس ليعيد إليها السكينة إلا ما أمرنا به الله سبحانه وتعالى «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ».
الشيخ حسن كما كنت أناديه دائما وأداعبه شاب مهذب خلوق من رعيل الصحفيين الشباب لا يختلف على دماسة خلقه اثنان تجد البسمة والراحة النفسية أينما وجد، كما أنه نقطة ارتكاز فاعلة بالنسبة لجيله وأصدقائه، الكل يبحث عنه، ويتودد إليه إما مستأنسا بقربه أو مشتاقا لحديثه أو ناهلا من علمه أو باحثا عن نصيحة.
حسن المنياوي رحمه الله من أكفأ شباب الصحفيين في مؤسسة الوفد الصحفية فقد جمع بين قدوة العمل وحسن الخلق.
لم يستوعب الزملاء الخبر فهرعنا جميعا نبحث عنه في الشوارع والمستشفيات على أمل أن يكون الأمر غير صحيح، فمن عثر على هاتفه اتصل بآخر رقم وأبلغ زميلنا باسل عاطف الخبر المشؤوم وأغلق الهاتف واحتفظ به لنفسه ثمنا لهذا الخبر الكارثة.
وزاد الأمر صعوبة حيث قام أحد الأشخاص بوضع صورة بطاقة زميلنا رحمه الله على الفيسبوك معلقا من يعرف صاحب هذه البطاقة فإنه قد تعرض لحادث أليم.. المهم مرت الدقائق والساعات ثقيلة وكتيبة الوفد الصحفية خلية نحل تبحث عن قلبها الذي توقف نبضه، والتقينا جميعا على أبواب مشرحة زينهم لنقضي ساعات طوال حتى انتهت كل الإجراءات.
الكل على الباب ما بين باكا وغير مصدق، كلنا نعزي أنفسنا ونعزي بعضنا البعض، لنصلي الجنازة جميعا على فقيدنا الشاب لتتحرك سيارة الإسعاف ليدفن في مدافن الأسرة بمحافظة المنيا تلاحقه دعواتنا لله أن يتقبله شهيدا مع الأنبياء والصديقين والأبرار.
على أبواب مشرحة زينهم كانت ملحمة إنسانية رائعة للعاملين في الوفد صحفيين وإداريين بوجود قيادات المؤسسة النائب الدكتور أيمن محسب رئيس مجلس الإدارة، والدكتور وجدي زين الدين رئيس التحرير والزميل مجدي حلمي المشرف العام على البوابة، والنائب الزميل طارق تهامي، والزميل الدكتور محمد العجمي رئيس اللجنة النقابية، ولا ننسى الموقف الإنساني النبيل للزملاء السباقون دائما وأصحاب المواقف الإنسانية النبيلة الزميل جمال عبد الرحيم سكرتير عام نقابة الصحفيين، والزميل محمد الجرحي عضو مجلس النقابة.
وداعا يا شيخ حسن ونلتقي في جنة الخلد.. أحسن الله مثواك وتغمدك بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته.
تبقى كلمة.. أمس الجمعة، كتبت مقالا في هذه المساحة تحت عنوان إجازة من الموت بمناسبة بدأ الهدنة الإنسانية في غزة، إلا أن الأقدار آبت أن يمر يوم الجمعة إجازة من الموت كما تمنيت وخيبت آمالي ليرحل فيه القلب الطيب حسن المنياوي ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية