خلافات حادة تشهدها إسرائيل هذه الأيام بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقادة جيش الاحتلال، تتركز جميعها حول أحداث السابع من أكتوبر الماضي، الإخفاقات الكبيرة التي ألمت بالجيش بسبب عدم تحقيق الأهداف المرجوة من الحرب على غزة، بل وطالب البعض بتشكيل لجنة تحقيقات موسعة مع كبار ضباط الجيش للوقوف على الأسباب الحقيقية التي آلت إلى الأوضاع الحالية بعد 90 يوما من معركة الإبادة ضد الغزيين.
قادة الجيش يعترضون بشدة على فتح التحقيقات الآن، ويطالبون بإرجائها حتى تنتهي المعركة، والخلاف بالطبع في جوهره أن الخطة الموضوعة من قبل الاحتلال حددت مدة المعركة وتحقيق أهدافها بما فيه التهجير بـ15 يوما كحد أقصى على طريقة أفلام الأكشن الأمريكية.
نؤكد أن فشل المخطط اليهودي كان له أسباب مهمة أغفلها الاحتلال ومنها قوة المقاومة الفلسطينية التي أظهرت قدرات خارقة فاقت كل توقعات العدو في الدفاع والهجوم والتكتيك، والوصول إلى أهداف استراتيجية لدى اليهود، بالإضافة إلى قوة تصدى الأهالي واندماجهم مع المقاومة للدفاع عن الأرض والعرض في صورة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، بل ومواجهة المجازر الإسرائيلية والهولوكوست الصهيوني بكل قوة وحسم.
الأمر الآخر والذي لا يقل أهمية هو ثبات الموقف المصري منذ اندلاع المعركة وحتى كتابة هذه السطور، وإعلانه صراحة أن مصر ضد التهجير والنزوح بكل صوره، وأنها لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية بأي صورة من الصور، وتأكيدها على الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في أرضه، وأنه لا حل للأزمة ونهاية الصراع العربي الإسرائيلي إلا بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الحكومة الإسرائيلية تعمل جاهدة على تهدئة الجبهة الداخلية التي وصلت إلى حالة الغليان وأعلنت الاعتصام والتمرد مطالبة بإنهاء الحرب، وخاصة أهالي الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة، وزادت حدة الاعتراضات بعد ظهور ظاهرة النيران الصديقة وأخرها الدبابة الإسرائيلية التي قصفت مستوطنة في غلاف غزة وقتلت 12 إسرائيليا.
الكيان الصهيوني استهدف من الإعلان عن تشكيل لجنة للتحقيق صرف نظر الجبهة الداخلية الإسرائيلية عما يحدث على أرض المعركة، ومن ناحية أخرى محاولة لإرضاء أهالي الأسرى والمواطنين الرافضين للحرب.
باختصار.. تصاعد الخلافات الداخلية الغير مسبوقة في الحكومة الإسرائيلية يعد فرصة كبرى لزيادة الضغوط العربية والإسلامية على الاحتلال وعلى الكفيل الأمريكي بضرورة الإسراع لوقف الحرب فورا، واللجوء إلى طاولة المفاوضات لإقرار حل الدولتين كأمل وحيد وأخير لإعادة الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، والحيلولة دون إقامة حرب شاملة تؤثر على استقرار العالم أجمع.
تبقى كلمة.. القمة المصرية الفلسطينية التي عقدت مؤخرا بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ومحمود عباس، وأطلق عليها «قمة الحسم»، جاءت وسط ترقب محلي ودولي، في ظل الكارثة الإنسانية في قطاع غزة تأكيدا على الدور المصري الكبير، وعلى الجهود الدبلوماسية المصرية في رعاية القضية الفلسطينية وتقديم الدعم اللامحدود لها بصفتها قضية جوهرية مصرية، وأن التنسيق الدائم بين الجانبين والممتد منذ أكثر من 7 عقود سيبقى دعما أبديا لنصرة القضية الفلسطينية والأشقاء في مواجهة المحتل.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية