الجميع يعرف تلك الألمانية المتطرفة أليس فايد؛ التي انتقدت سياسات الهجرة التي انتهجتها أنجيلا ميركل، حيث قالت: «ستدمر البلاد من خلال سياسة الهجرة هذه».
بل إنها شاركت دونالد ترامب في رأيه بإن ميركل مجنونة. ودعت الحكومة الألمانية إلى الاستثمار في الشرق الأوسط لتشجيع الأشخاص المتعلمين والمهرة على البقاء في بلدانهم الأصلية وتجنب إمكانية هجرة العقول، لكنها تقول أيضًا إنها تدعم «نظامًا كنديًا» من شأنه أن يميز المهاجرين المهرة على غير المهرة.
طرحت فيدل إحصاءات عن ارتفاع معدل جرائم العنف بين المهاجرين المسلمين وطالبي اللجوء السياسي، وترى أن وجود عدد كبير من المسلمين في ألمانيا يؤدي إلى «تآكل دولة القانون والنظام»، وقالت فيدل إن هناك أماكن «صار الألمان يخشون السير فيها» مثل ميدان كوتبوسر بحي كريزبرج الذي يكثر به أبناء الجالية التركية، بينما وفقا لدويتشه فيلا فإن العكس صحيح، حيث هذا المكان مزدحم بالمتاجر والحانات وتراجعت فيه الجريمة في عام 2017.
أصبحت الشعبية المتزايدة لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف سمة غير مستساغة في المشهد السياسي الأوروبي.
وفي الصيف الماضي، فاز في الانتخابات المحلية للمرة الأولى منذ تأسيسه في عام 2013. ذلك بفضل برنامج معد للأجانب، يحتل الآن المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي الوطنية ويتقدم في ثلاث ولايات شرقية من المقرر أن تجري الانتخابات في الخريف.
في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة الائتلافية للمستشار أولاف شولتز للتغلب على التحديات المتعددة المتمثلة في فيروس كورونا وأوكرانيا وأزمة تكلفة المعيشة والانتقال الأخضر، استغل حزب البديل من أجل ألمانيا انعدام الأمن والمصاعب على نطاق واسع لتحقيق أهدافه غير السارة.
وتفاقمت المخاوف بسبب تجدد القلق من أن الحزب يمثل تهديدا حقيقيا لدستور ألمانيا بعد الحرب.
لذلك انضم شولز ووزيرة خارجيته أنالينا بيربوك إلى آلاف المتظاهرين المشاركين في مظاهرة في بوتسدام «للدفاع عن الديمقراطية». كان العامل المحفز هو الكشف عن انضمام شخصيات بارزة في حزب البديل من أجل ألمانيا، في نوفمبر، إلى متطرفين يمينيين متطرفين بارزين آخرين لمناقشة خطة للترحيل الجماعي القسري للمهاجرين.
ومن بين أولئك الذين تمت مناقشتهم على أنهم إشكاليون، كما يُزعم، مواطنون ألمان من أصول مهاجرة، إذا تم الحكم عليهم بأنهم «لا يتكيفون مع مجتمع الأغلبية». وكان من بين الحاضرين أليس فايد زعيمة حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف.
وتتعارض مثل هذه الأفكار بشكل صارخ مع الدستور، الذي يحظر التمييز على أساس العرق. وقد نأت قيادة حزب البديل من أجل ألمانيا بنفسها عن الاجتماع، لكنها فشلت في إدانة أولئك الذين حضروا. قد تمت الموافقة على ما يسمى بخطة «إعادة الهجرة» من حيث المبدأ من قبل المشاركين، على الرغم من وجود شكوك حول جدواها.
تعد هذه الحادثة المثيرة للقلق بمثابة دعوة أخرى للاستيقاظ فيما يتعلق بقوى الظلام التي تجد طريقها إلى التيار الرئيسي من خلال نجاح حزب البديل من أجل ألمانيا. وسبق أن صنفت وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية المنظمات الحزبية في ثماني من الولايات الفيدرالية الـ16 في البلاد على أنها إما «ثبت أنها يمينية متطرفة» أو «يشتبه في أنها يمينية متطرفة».
وأدت الطبيعة الصادمة للافصاحات الأخيرة إلى دعوات لحظر الحزب من قبل المحكمة الدستورية الفيدرالية. ونظراً للحاجز القانوني العالي، فقد يكون تحقيق ذلك صعباً للغاية. ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن هذه العملية قد تخاطر أيضاً بأن تؤدي إلى نتائج عكسية، مما يعزز أوراق اعتماد حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للمؤسسة في وقت حيث اكتسب زخماً سياسياً كبيراً. ومع ذلك، فهو خيار لا ينبغي استبعاده، وقد يعمل على تركيز عقول العناصر الأكثر اعتدالاً في الحزب. على أقل تقدير، تؤكد قضية بوتسدام على الأهمية الحيوية للحفاظ على الطوق السياسي على المستوى الفيدرالي، المصمم لإبقاء حزب البديل من أجل ألمانيا خارج أي ائتلاف حاكم. ويتحمل الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي ينتمي إلى يمين الوسط مسؤولية خاصة هنا.
وفي نهاية المطاف، فإن الحزب الذي بدأ حياته كنسخة ألمانية من التشكك في أوروبا، قبل أن يتحول إلى أجندة متطرفة مناهضة للهجرة، يحتاج إلى هزيمة من خلال معركة لكسب القلوب والعقول.
وكما كتبت المؤرخة الألمانية البريطانية كاتيا هوير، فقد أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا بمثابة «متنفس» شعبوي لشعور واسع النطاق بالأزمة. وسوف تتطلب معالجة هذه المشكلة قدراً أعظم من الطموح والخيال من جانب الطبقة السياسية السائدة التي تبدو في بعض الأحيان عازمة بشكل مفرط على التمسك بالمعتقدات الاقتصادية القديمة. إن حضور المستشار الألماني ووزير خارجيتها في مسيرة بوتسدام يوضح مدى ضخامة المخاطر.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية