سألني بطيبة قلبه وعفويته المعتادة وحبه في المعرفة حتى يظهر بين أقرانه من حراس العقارات والبوابين أنه فاهم وواعٍ و«عارف الكفت» لأنه يعتبر نفسه كبير أهل بلدته وعمدتهم في المنطقة ويتجمعون عنده في الليل حول «الشيشة» يدرسون أمورهم وأحوالهم ومشاكلهم، وفي الأزمات يجمعون مدخراتهم بالجنيه والنصف ومهما كان المبلغ يشعرون براحة غريبة بأنهم أسهموا في حل المشكلة مهما كانت.. المهم أن يكونوا فى الأزمات رجالة، ومحدش يعايرهم بأنهم «ولايا».
المهم كل يوم الصبح كالمعتاد أشوفه والكلام بيننا خد وهات، بس بصراحة ملامحه خوفتني من السؤال، وقلت شكل الحكاية محتاجة كوباية شاي مع إني متأخر على الشغل ونعسان، بادرته بالسؤال خير يا كبير مالك مهموم وسرحان؟
هجم عليا بطوفان من الأسئلة، فهمني يا أستاذ الحكومة طول الليل والنهار بتصدر قرارات وبتحاول تنصف الجنيه الغلبان وترحمه من جبروت الدولار، وعمالة تبشرنا بالخير فى كل مكان إن الأسعار هترخص زي زمان والسوق السودة هتبقي في خبر كان، وإن رأس الحكمة كانت بداية النغنغة، وإحنا دخلنا موسم الحصاد وصندوق النقد اللى عذبنا ضاعف القرض 3 مرات، والدولارات هلت علينا من كل مكان، وبعد الإمارات فى السكة قطر والسعودية والبحرية وسلطنة عمان كمان، وأيام الفقر ولت ومش هنشوف تاني حرمان.. بس اللي مجنني إن الدولار فى البنك سعره زاد، عايزك تفهمني هتمشي إزاي.
بصراحة أنا وقفت حيران أصل الحكاية صعبة أوصلهاله ببساطة علشان يطمن وينام مرتاح البال، في أسئلة بتكون صعبة وإجاباتها أصعب، وفي أسئلة تانية بتكون سهلة بس إقناع الناس بسهولتها بيكون أكثر صعوبة، والسبب ببساطة إن في أزمة مستمرة بين المصريين وحكوماتهم من قديم الزمان، بمعنى أن أي إجراء حكومي دايماً بيتفسر إنه ضد الشعب، وأن حكومة أياً كان زمنها أو توجهاتها بتشتغل لإنقاذ نفسها، وأن الغلابة بس اللي بيدفعوا تمن أخطائها على مر الأيام.
إجابتي كانت بسيطة ومقنعة له تماماً، قلت له متشغلش بالك بالحسابات والأرقام، وراقب السلع والأسعار عند الخضراتي ومحلات السمك والفراخ كمان، رد ببساطة وقال لي والله كله تمام، كل يوم من ساعة رأس الحكمة والأسعار بتنزل كل يوم وحاسس إنها هترجع زي زمان، ومفيش حاجة بتزيد، كله للخلف در، يمكن ببطء لكن كل يوم بنحس بالأمان، والجنيه بيسترد عافيته وبيزيد جوانا إحساس الأمان، بس ده على فكرة رضا من ربنا وكرمات شهر رمضان.
قلت له طول ما الأسعار بتنزل تبقي الدنيا تمام.. رد بطيبة قلبه وقال لي المهم نرجع زي زمان ومتكونش موجة وتعدي وتتقلب الأحوال.. ومن ساعتها خصص وقته وجهده لمراقبة الأسعار وكل ما يشفني يديني «لايك» ويقولي والله كله تمام.
باختصار.. يبقي هناك مبدأ من مبادئ الاقتصاد أن الأسعار مرنة جداً عند الصعود وغير مرنة عند الهبوط، وهى للأسف قاعدة مؤلمة للمستهلكين.. لذا فإن الصبر مفتاح الفرج، والخير قادم إن شاء الله، حفظ الله مصر وأهلها وجعلهم فى رباط إلى يوم الدين.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية