رغم ضراوة الآلة العسكرية الإسرائيلية وما خلفه جيش الاحتلال اليهودي من شهداء ومصابين وتدمير بنية تحتية فى حربه البربرية ضد غزة، واستخدامه الأسلحة المحرمة دوليًا في حرب الإبادة الجماعية بحق الأشقاء في فلسطين، واختراقه لكافة المواثيق الإنسانية والدولية منذ انطلاق الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، إلا أنه تبقى الأسئلة الأهم هل انتصرت إسرائيل في غزة؟ وهل حققت الحرب في شهرها السادس أهدافها المرجوة؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها نوضح أن الكيان اليهودي فرض تعتيما إعلاميًا كبيرا على ما يحدث في العمق الإسرائيلي في الوقت الذي يعزر فيه تسليط الضوء على انتصاراته المزعومة فى أرض غزة، الأمر الذي يحدث تركيزا إعلاميا على جانب واحد فقط برغم ما تشهده تل أبيب من تظاهرات عنيفة من أهالي الأسرى ومن الرافضين للحرب ونزوح آلاف الأسر إلى الخارج بعيدا عن صواريخ المقاومة وإخفاق الاقتصاد الإسرائيلي بصورة غير مسبوقة، وغيرها من المخاطر التي تزلزل عرش نتنیاهو وتهدد مستقبله السياسي.
الحقيقة الصادمة لوضع جيش الاحتلال أعلنها لواء متقاعد بالجيش الإسرائيلي يدعى إسحاق بريك في مقال له نشر أمس الأحد في صحيفة معاريف الإسرائيلية قال فيه، إن بلاده خسرت الحرب مع حماس داخل قطاع غزة، معلنًا أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير مستعدة لحرب إقليمية واسعة.
الأخطر فى المقال الذي يعد الأكثر كشفًا للحقائق في الجانب اليهودي أن «بريك» قال بوضوح «لا يمكنك الكذب على كثير من الناس لفترة طويلة، وأن ما يجرى فى قطاع غزة وضد حزب الله في لبنان سينفجر في وجوهنا عاجلًا أم آجلًا، وحينها ستنكشف الحقيقة بكل خفاياها».
الجنرال الإسرائيلي المتقاعد الذي أعلن رأيه بصراحة فى أكثر الصحف الإسرائيلية انتشارا صارح خلاله الشعب اليهودي بالحقائق التي يخفيها قادة الجيش المغوار مؤكدًا أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير مستعدة لحرب إقليمية ستكون أصعب وأخطر بآلاف المرات من الحرب الدائرة الآن في قطاع غزة وسوف تكون نتائجها وخيمة في مسار قضية الصراع العربي الإسرائيلي.
وشدد إسحاق بريك على أن الهجوم البري على قطاع غزة الذي هلل له القادة الإسرائيليون لم يحقق أهدافه على أرض الواقع، وأن الوضع بات أسوأ بكثير مما كان عليه قبل الهجوم وخسرت إسرائيل الإنجازات التي حققتها من قبل وفشلت في إسقاط حماس وإعادة المختطفين.
وتطرق إلى الخسائر الكبيرة التى لحقت بجيش الاحتلال بسبب الفخاخ والمتفجرات والتي أسفرت عن عدد كبير من القتلى والمصابين في صفوف الجيش والعتاد، بسبب عدم اتخاذ التدابير اللازمة، لافتا إلى أن الحرب أفقدت إسرائيل العديد من الحلفاء في العالم.
إذا كانت هذه شهادة شاهد من أهلها على الوضع المتدهور لجيش الاحتلال منذ اندلاع الحرب، فإننا نتعرض لبعض من الخسائر التى لحقت بجنود العدو وفقا لبيانات الجيش الإسرائيلي حيث بلغ عدد القتلى بين صفوفه 591 ضابطا وجنديا وأصيب 3079 آخرون، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة في المعدات العسكرية، وعلى الرغم من التعتيم الشديد على خسائر الاحتلال إلا أن الواقع يؤكد أنها ستكون الأكثر على مدار الصراع عبر العقود الماضية.
باختصار.. خيبة أمل إسرائيل فى غزة وعدم تحقيقها للأهداف المرجوة من الحرب وخسائرها الكبيرة التي لم تكن في الحسبان وتخوف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وقادة الجيش من تحويلهم للمحاكمة العسكرية نتيجة لضغوط الجبهة الداخلية، وبالتالي إنهاء مستقبله السياسي إلى الأبد، يجعلهم يفكرون جديا في توسيع جبهة الصراع بحجة مواجهة المخاطر وزيادة التأمين أملا في كسب التعاطف الدولي بحجة الدفاع عن النفس، الأمر الذي يهدد الاستقرار في المنطقة والعالم.
تبقى كلمة.. نتنياهو يسعى إلى السيناريو الأسوأ كطوق نجاة يمتد أمده حفاظا على مستقبله السياسي، غير مدرك لحجم المخاطر التي سوف يدفعها العالم ثمنا لخياله المريض، ولا أمل أمام المجتمع الدولي والشعوب المحبة للسلام سوى التكتل للتصدى لنازي العصر المجنون الذي يخطط لإحراق المنطقة حتى لو هدم المعبد فوق رأسه، خاصة أنه لم يعد أمامه أملًا للنجاة بمستقبله السياسي.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية