طرحت الحكومة الإسرائيلية العديد من المخططات لإدارة غزة بعد انتهائها من العدوان الوحشي الذي دخل شهره السابع في أكبر حرب إبادة دموية في العصر الحديث، حيث تأمل إسرائيل في إيجاد أطراف محلية أو دولية تستطيع إدارة القطاع في اليوم التالي للحرب وفقا لرؤيتها بما يمكنها من شمول سيطرتها على القطاع للأبد.
إسرائيل يهمها في المقام الأول إبعاد حماس التي تدير القطاع منذ 17 عاما والقضاء على قدرتها العسكرية والتنظيمية كأحد أبرز أهداف حربها المشؤومة، وفي الوقت ذاته فإنها تأمل أن يقوم بهذا الدور دول تتمتع بعلاقات جيدة مع الكيان لضمان أمن واستقرار إسرائيل في المقام الأول، والحيلولة دون وجود دور لمنظمة حماس مستقبلا ليسهل عليها الانقضاض على القطاع في أي وقت شاءت.
من جانبها رفضت الفصائل الفلسطينية جميع المخططات المطروحة من قبل الاحتلال، مؤكدة أنها ضد أي تدخل خارجي بشأن الحكم في غزة وفي مناطق السلطة الفلسطينية عموما، وأن اليوم التالي للحرب الإسرائيلية على القطاع سيكون شأنا فلسطينيا خالصا.
السيناريوهات والمخططات الإسرائيلية المتوالية تعني أنها لم تستقر على مخطط نهائي، أو أن هناك عقبات من قبل الدول المطروحة للقيام بهذا الدور، الأمر الذي يعني أن الكيان الصهيوني سيعرض العديد من المخططات البديلة خلال المرحلة المقبلة.
بالطبع بعض هذه المقترحات خرج للعلن وتداولته وسائل الإعلام، والبعض الآخر يدور سر في الغرف المغلقة عبر محاولات إسرائيلية مستمرة للانسحاب من الحرب التي ألحقت بها العديد من الخسائر الاقتصادية والعسكرية، كما ألحقت الضرر بالحكومة الإسرائيلية وأشعلت الجبهة الداخلية، وباتت تهدد بتقديم رئيس الحكومة للمحاكمة وربما قضت على مستقبله السياسي.
كان ضمن هذه المخططات مقترحا أمريكيا رفضته مصر، وكان يقضي بإدارتها لقطاع غزة لمدة ستة أشهر حتى إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة تكنوقراط والسيطرة على القطاع تمهيدا للاندماج مع السلطة في رام الله.
وطرح وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن في مارس الماضي، مقترحا بإنشاء قوة عسكرية متعددة الجنسيات تضمن قوات عربية لحفظ الأمن والنظام في غزة، كما أنه طلب دعما سياسيا وماديا أمريكيا للمبادرة التي تهدف إلى أن تكون القوة متعددة الجنسيات بديلا عن حكم حماس في القطاع.
حاول الاحتلال إنشاء قوة من العشائر والعائلات في غزة لإدارة القطاع بدلا من حماس، وتضمنت الخطة تقسيم غزة إلى مناطق تحكمها العشائر وتسيطر عليها وتديرها لفترة مؤقتة، لكن هذه الخطة باءت بالفشل بسبب رفض العشائر التي أكدت أنها لن تكون بديلا للحكومة المحلية.
وكان من ضمن المخططات مقترح دولي بعودة السلطة الفلسطينية إلى حكم القطاع على أن يتم تفكيك حركة حماس وكل المنظمات المسلحة، واصطدم المقترح بتعنت إسرائيلي رافض لتولي السلطة أي دور في غزة بعد انتهاء الحرب.
وكشفت القناة «العبرية 12 »، عن خطة جديدة لما بعد الحرب تقوم على قوات دولية بمساعدة حلف شمال الأطلسي «الناتو» ومشاركة عربية، وتقوم على الاعتراف بدولة فلسطين وإقامة سلطة انتقالية دولية مدتها 5 سنوات لإقامة البنية التحتية للدولة الجديدة وأنه في حال نجاح الخطة فسوف يتم تطبيقها في الضفة الغربية ولا زالت النقاشات مستمرة بمشاركة عربية على أمل الوصول إلى حلول عاجلة وجذرية لإنهاء الحرب وإغلاق ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى الأبد.
باختصار.. على أرض المعركة، وبعد مرور 197 يوما من حرب الإبادة على القطاع يواصل جيش الاحتلال توسيع سيطرته العملياتية على الممر العسكري الذي يفصل شمال القطاع عن الوسط والجنوب، في ظل تأكيدات وزير الدفاع الإسرائيلي أن بلاده لديها حرية العمل وفعل ما تريد، في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل العديد من الانتقادات الدولية بارتكابها جرائم حرب في القطاع، تدخلت أمريكا مساء الخميس لدعم حليفها الصهيوني واستخدمت الفيتو للتصويت ضد منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
تبقى كلمة.. إسرائيل أعلنت أنها أجلت شن هجومها البري على رفح الذي كان مخططا له الأيام الماضية بسبب انشغالها في دراسة الرد على الهجوم الإيراني الأخير، الأمر الذي يكشف أن خطر الاجتياح البري مازال قائما ما ينذر بعواقب وخيمة تهدد المنطقة كلها والاستقرار في العالم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية