لم تكن الانتخابات العامة في بريطانيا مجرد انتخابات عاديه مثل التي كانت تحدث في كل دورة.. لكنها كانت انتخابات تاريخية سواء في نتائجها أو في الأحداث التي أحاطت بها.
سقط رئيس الوزراء الفاشل وزعيم حزب المحافظين ريشي سوناك وتعرض حزب المحافظين لضربه قاصمة بعد خسارته الفادحة للانتخابات وتحقيق نتيجة تعد الأسوأ منذ 200 عاما.
أنهى حزب العمال 14 عاما من سيطرة المحافظين على السلطة، وحقق فوزا ساحقا شمل معظم الدوائر الانتخابية.. وأنهى كير ستارمر رئيس الوزراء الجديد حقبة شهدت سيطرة 5 قيادات من المحافظين على حكم البلاد.
وصفت الـ«بي بي سي» الساعات التي سبقت إعلان النتيجة بأنها من أكثر الساعات الحافلة في تاريخ السياسة البريطانية.
ووصفت فوز حزب العمال بالفوز الساحق وهزيمة المحافظين بالهزيمة التاريخية وفى رأيي أن هذه العبارات هي تعبير دقيق لنتيجة حصل فيها حزب العمال على 412 مقعدا مقابل 122 للمحافظين.
ووصف روبرت باكلاند، الوزير المحافظ السابق الذي فقد مقعده الأمر بأنه «كارثة انتخابية» بالنسبة للمحافظين.
لم أقتنع يوما برئيس الوزراء ريشي سوناك، وتوقعت فشله من اليوم الأول لولايته، وقلت وقتها إن بريطانيا خسرت بوريس جونسون الذي اعتبره أفضل من تولى إدارة بريطانيا خلال الحقبة الأخيرة.
كان سوناك صاحب أداء ضعيف وشهد الاقتصاد البريطاني تراجعا كبيرا في عهده وانخفض حجم الوظائف وخسر العمال بعض مكاسبهم وتفاقمت أزمة اللاجئين وغاب الدور البريطاني على الساحة الدولية، واكتفى بأن يكون تابعا للولايات المتحدة.. حتى موقفه من الحرب على غزة كان موقفا مشينا.
لم يفعل كما فعل ماكرون في فرنسا.. فموقف أوروبا الداعم لإسرائيل يعد من الثوابت لكن هناك ثوابت أخرى تتعلق بتجريم المجازر والإبادة الجماعية والتهجير القسري والعقاب الجماعي وغيرها من الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي كل يوم.
سقط سوناك ومعه حزبه في موقفهم من الحرب على غزة بينما نجح ماكرون في تعديل موقفه بتحوله إلى دور الوسيط الداعي إلى التهدئة حتى لو ظاهريا واستضاف جولة من المفاوضات التي حضرتها فصائل المقاومة.
كان سوناك شريكا لإسرائيل في حربها على غزة وداعما للمجازر وحرب والإبادة بلا وازع من دين أو ضمير أو حتى إنسانية.. وظل ثابتا على موقفه حتى آخر يوم له في السلطة.
غزة كانت حاضرة في الانتخابات البريطانية ولم يتوقف تأثيرها على السقوط المدوي لسوناك والمحافظين.. لكن امتد أيضا ليشمل قيادات في حزب العمال حيث فقد خمسه من وزراء حكومة الظل مقاعدهم البرلمانية لصالح مرشحين مستقلين دخلوا الانتخابات تحت مظلة غزة وكانوا في السابق أعضاء في حزب العمال.
ليس هذا فحسب بل إن هناك وزيرين عماليين في حكومة الظل نجحوا بصعوبة بسبب موقفهم من الحرب على غزة.. أما الملاحظة الهامة فهي تتمثل في تراجع أصوات حزب العمال في الدوائر التي فيها ناخبون مسلمون بنسبة 11 في المائة.
سقط سوناك وخرج وهو يجر أذيال الخيبة والهزيمة وتصدع المحافظين بعد هزيمة قاسية ومروعة، وجاء ستارمر ومعه حزب العمال.. وبقيت غزة حرة أبية تقاوم المحتل الغاصب الذي بات يبحث عن صفقة، وتفرض نفسها على أي حدث في أي مكان.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية