ما من شيء يفضي إلى الملل أكثر من الحديث المكرر حتى لو كان قائله من فطاحل الرجال، فالكلام في ذاته لا يبني أمم ولا يظهر أفكار.
باختصار الناس تبحث عن القدوة، وتعمل إن فعل مثله دون أن يَطلب هو منهم ذلك. فالحاكم لا يأتي بشعب جديد ولكنه يعمل في صبر على تغيير الأسس التي تقوم عليها مقومات المجتمع.
وهكذا فعل الاحتلال الإنجليزي لمصر بعد الثورة العرابية، فحاول «كرومر» المندوب السامي الإنجليزي أن يدخل الأفكار الأوروبية دون زعزعة كيان المجتمع ثورياً، وكان كرومر يضع لنفسه هدف هو كيفية إيصال الأخلاق الأوروبية للشعب المصري، لذلك استخدم في ذلك الصحف.
وكانت صحيفة «الوطن» المؤيدة للاحتلال و«المقطم» أول من مهد لتلك السياسة بعد دخول الإنجليز مصر مباشرة. وبدأت توضح فائدة الإنجليز وأن المحتل هو الذي أنقذ البلاد من الفوضى وعدم الاستقرار. وأنهم هم الذين يقومون بالعمل على إصلاح حال المصري.
لذلك أنشأت الطرق والترع، وكل ذلك دون عنف ودون اتخاذ إجراءات قاسية إنما بهدوء وطول بال، ونسى أنه من الخطأ بل من الجهالة أن تكلف أمة بالسير في طريق لا تعرفه، إنما الحكمة في تحسين الأحوال والتقدم لا يأتي إلا بالتدرج حتى لا تتأثر بذلك معيشتنا ونظرتنا في الحياة، لذلك يقول المصريين «عيشنى النهاردة وموتني بكرة».
لم نقصد أحد !!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية