كتب صديقي المبدع سليمان جودة مقالا منذ أيام في المصري اليوم حول استقالة نعمت شفيق من رئاسة جامعة كولومبيا.. وكعادته أبدع في كتابة المقال كما يبدع كل يوم في كتابة عمود اعتبره أفضل عمود في الصحافة المصرية في وقتنا الحالي.
ولكني اختلف مع صديقي المبدع فيما كتب عن نعمت شفيق خاصة في آخر سطور المقال.. تلك السطور التي كتب منها عنوان المقال.. «غلطة الشاطر» وهو يعني بهذا العنوان نعمت شفيق وما فعلته بطلاب الجامعة التي ترأسها وبمعنى أدق يريد أن يقول أن تحريض نعمة شفيق على اعتقال طلاب الجامعة التي ترأسها عقابا لهم على تظاهرهم للتعبير عن رأيهم ومناصرتهم لضحايا غزة هي غلطة وأن شفيق امرأة شاطرة متميزة وشغلت مراكز مرموقة وينطبق عليها المثل الذي يقول غلطة الشاطر بألف.
بداية لا اتفق أبدا في وصف ما فعلته نعمت شفيق بأنها غلطة.. بل هي جريمة مكتملة الأركان.. جريمة مع سبق الإصرار والترصد.. إن ما ارتكبته هذه السيدة هي جريمة مركبة.. فمن ناحية هي كما أرادوا لها تؤيد المجاز الوحشية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وتقمع كل صوت يناصر الحق والعدل وأيضا تغتال الحرية.. حرية الرأي والتعبير التي هي من أبسط حقوق الإنسان.
أرادت نعمت شفيق أن تثبت ولائها لمن جاءوا بها إلى هذا المنصب.. اختارت الطريق الخطأ وارتكبت جريمة لا تسقط أبدا بالتقادم.. وهي إبلاغ الشرطة عن طلاب يمارسون حق التعبير عن الرأي ويناصرون الحق ويتظاهرون ضد المعتدي.. كان من الممكن أن يكون ما فعلته شفيق مجرد غلطة إذا كان اقتحام الأمن للجامعة واعتقال من فيها من الطلاب المتظاهرين جاء بناءا على قرار أمني من خارج الجامعة.. وكان يمكن أن نسمي ما فعلته غلطة إذا التزمت الصمت ولم تكن مع الاعتقال أو ضده من باب الحفاظ على منصبها.. هنا كان من الممكن أن نتغاضى عن بعض ما فعلته.
أما أنها تظهر على حقيقتها بأنها سيدة بلا مبادئ ولا قيم وترفع شعار لا صوت يعلو فوق صوت المصلحة.. وهي أيضا محرضة على قمع واعتقال طلاب أبرياء صدقوا ما قالوه عن الحريات في أمريكا وجامعاتها.
لقد أجرمت شفيق وزاد من إجرامها أنها استمرت متمسكة بمنصبها رغم كل ما فعلته ولم يستيقظ ضميرها لحظة واحدة ولم تتراجع عن جريمتها على أساس أن من طلبوا منها ارتكاب هذه الجريمة سيحموها.. لكن شاء القدر أن تخسر كل شيء حتى المنصب الذي ضحت بكل شيء من أجله جردوها منه باعوها بثمن بخس.
لقد أجبروها على الاستقالة وخرجت يلاحقها الخزي والعار إلى الأبد.. لأن كل شيء إلى زوال وتبقى المبادئ والقيم.. وتبقى سيرة الإنسان ومسيرته شاهدة عليه.. وهنا سقطت نعمت شفيق.. وهنا انتهت مسيرتها نهاية مخزية لتكون عبرة وعظة لكل من يضحي بالمبادئ والقيم ويتحول إلى مجرم يناصر المحتل المغتصب للأرض والعرض.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية