«كلمة «البقاء» تحمل معاني متعددة، فالإنسان قد يبقى جسداً وروحاً، وقد يبقى أثره في التاريخ. فالسيرة الطيبة تبقى حتى بعد رحيل الإنسان».
والبقاء كلمة لفعل باقي، وتضاف إليه بعض الكلمات لزيادة الإيضاح فيمكن البقاء أن يشير إلى اللفظ الحسي ويمكن أن يستخدم كلفظ حركي. فقد يبقي الإنسان جسديا ولا يبقي سيرته، والعكس صحيح فقد تبقي سيرة الإنسان حتى وإن رحل جسده.
كما تنطبق فكرة البقاء على الزمان والمكان.. وتنطبق فكرة البقاء على الأشياء والأشخاص.. وتنطبق فكرة البقاء على الروح والجسد، وتنطبق فكرة البقاء على الذكريات والأحداث، وتنطبق فكرة البقاء على الإرادة والإصرار.
ومع كل طلعة شمس تأذن بميلاد يوم جديد، يوم للعزيمة والإصرار، يوم لمواجهة التحديات ودحرها، يوم للتعلم من دروس الماضي، يوم لاستغلال الحاضر والعمل فيه، يوم لصناعة المستقبل، يوم لتقديم الأفضل والأفضل دائما، ليس من أجل أنفسنا فقط ولكن من أجل مجتمعنا ومن أجل ووطننا. فتلك هي عقيدتنا وتلك هي رؤيتنا وتلك هي أحلامنا.
ولعلنا نتساءل دوماً لمن البقاء؟.. هل البقاء للأقوى.. أم البقاء للاصلاح.. أم البقاء للأصبر.. أم البقاء للأشمل.. أم البقاء للمتكيف.. أم البقاء للمتكامل.. أم البقاء لأصحاب النوايا الصادقة.. أم البقاء للجميع.
وستظل الإجابة على السؤال مبهمة، للبعض، حتى يحدد كل منا هدفه وغايته وأحلامه ووسائله وأدواته وآلياته.. ستظل الإجابة مبهمة حتى ينهض كل منا إلى عمله الدؤب، ستظل الإجابة مبهمة حتى يعطي كل منا لوطنه دون أن ينتظر المردود.. ستظل الإجابة مبهمة حتى نتكاتف جميعا من أجل ووطننا، ستظل الإجابة مبهمة حتى نبدأ من اليوم، لا نستطرد النظر في الماضي ولا نتمعن التفكير في المستقبل دون العمل في الحاضر، ولا يقصد من ذلك عدم التخطيط إلي المستقبل ولكن يقصد به عدم القلق من المستقبل ولعلي أستشهد بكلمات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية «آمنوا بالحلم يتحقق بالأحلام لا تسقط بالتقادم”.
ولعلنا تابعنا فاعليات منتدى التعاون الصيني الأفريقي الذي حضره دولة رئيس الوزراء نيابة عن فخامة السيد رئيس الجمهورية، حيث ألقي سيادته كلمة في جلسة «التحول الصناعي وتحديث الزراعة والتنمية الخضراء» بقمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي. حيث أشار دوله رئيس الوزراء إلى أن أفريقيا تُوفر فُرصًا واعدةً للتجارة والاستثمار لاسيما بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة القارية ودخولها حيز التنفيذ.
كما أكد على إشادة مصر بالمبادرات العشر التي أعلن عنها الرئيس «شي جين بينج» في كلمته صباح اليوم تجاه تعزيز العلاقات الصينية ـ الأفريقية في كافة المجالات. كما أشار سيادته، بحسب بيان رئاسة مجلس الوزراء، إلى ضرورة تجديد الالتزام الدولي بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعلى رأسها مكافحة الفقر والجوع، وإعادة تصدر أجندة 2030 لأولويات العمل الدولي، مع تحقيق التنسيق والترابط والتكامل بينها وبين أولويات أجندة أفريقيا 2063.
وخلال كلمته، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة المصرية تتعامل مع تطوير القطاع الصناعي باعتباره قاطرة للنمو الاقتصادي، وتسعى مصر جاهدة لتعزيز البنية التحتية الصناعية وتعميق الصناعة من خلال إعداد الاستراتيجية الوطنية للصناعة؛ للنهوض بالصناعة المصرية وتحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي، موضحاً أن هذه الخطة ترتكز على عدة محاور، تشمل إنشاء مصانع جديدة لتوفير جزء من احتياجات السوق المحلية ومستلزمات الإنتاج عبر تعميق الصناعة، إلى جانب زيادة القاعدة الصناعية بغرض زيادة الصادرات وخاصة الصناعات التي تعتمد على المواد والخامات الأولية الموجودة بالفعل بالسوق المحلية أو التي يتوافر تكنولوجيا ومدخلات إنتاجها، وبجودة عالية وبأسعار منافسة في أسواق التصدير، فضلاً عن التوظيف من أجل الإنتاج بما يساهم في خفض معدلات البطالة ورفع مستوى المعيشة للأسر المصرية.
بالإضافة إلى محور مواكبة الاتجاهات الحديثة في الصناعة ونظم التحول الرقمي والتوسع في الصناعات الخضراء من خلال الدعم الفني للمصانع عن طريق خدمات التحول الرقمي، وأنظمة الحاسب الآلي المتخصصة والروبوتات الصناعية، وإطلاق منصة مصر الصناعية الرقمية لإتاحة جميع الخدمات الصناعية إلكترونياً وتبسيط الإجراءات والتيسير على المستثمرين لإصدار جميع أنواع التراخيص وسداد جميع الرسوم مباشرة من موقع واحد فقط.
وأضاف دولة رئيس الوزراء إلى ضرورة تحقيق الأمن الغذائي لشعوب القارة الأفريقية والتي تتأثر بعدد من التحديات والتي تتمثل في «النفاذ والتمويل» إلى السلع الغذائية والسماد بسبب تذبذب سلاسل الإمداد العالمية واضطراب مسارات الشحن وتأثر إنتاجية القطاع الزراعي في العديد من الدول النامية بتداعيات تغير المناخ.
ومن هنا يأتي التعاون مع الجانب الصيني للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة خاصة في مجالات: الغابات، ومكافحة التصحر، والمحاصيل المقاومة للجفاف، وإدارة الموارد المائية، ونظم الري الحديث، ومعالجة وتحلية المياه. فاعليات رئاسية وخطوات تنفيذية تقوم بها الدولة المصرية لدفع عجلة التنمية في مختلف المجالات من أجل مستقبل أفضل لمصر والمصريين.
وفي النهاية يبقى السؤال مفتوحا: لمن البقاء؟
فالإجابة تكمن في كل فرد منا، وفي مدى التزامه بوطنه ومجتمعه. فالبقاء ليس للأقوى فحسب، بل للأكثر عطاءً وإخلاصاً. إننا جميعًا أول الداعيين والمدعوين للمساهمة في بناء مستقبل أفضل لمصر، مستقبل يرتكز على العلم والمعرفة والعمل الجاد.
أستاذ التكنولوجيا الحيوية المساعد بعلوم القاهرة
abdelfattahemanalaaeldin@gmail.com
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية