دلالات حادث معبر اللنبي الأردني «جسر الملك عبد الله» والذي يطلق عليهم الفلسطينيون معبر الكرامة، والذي قتل خلاله ثلاث جنود صهاينة واضحة وتكشف مدى الاختناقات الكبيرة التي تجيش بصدور الأشقاء في الأردن تجاه إسرائيل، خاصة بعد ما ترتكبه من مجازر بشرية في غزة، وهذه العملية تعد الأولى من نوعها منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي.
العملية التي نفذها ماهر الجازي مواطن أردني ينتمي إلى عائلة الحويطات التي تعد من أكبر العائلات في المملكة الهاشمية، وأكثرها قوة ونفوذ ويعمل معظم أبنائها في مناصب أمنية كبرى وأخرى قيادية، بل إن اثنان من أبنائها توليا قيادة الجيش في فترات سابقة، قد اشعلت الأجواء توترا بين الأردن وإسرائيل لدرجة غير مسبوقة.
حماس المواطن الأردني الذي نفذ العملية منفردا دفع ثمنها حياته بعد اكتشاف جنود الصهاينة أثناء هروبهم من المعبر الحدودي أن منفذ العملية وحيدا فانقضوا عليه ليرتقي إلى السماء شهيدا.
إثر الحادث تم إغلاق المعابر الثلاثة بين الأردن وإسرائيل، وبينها معبر الكرامة الذي يعد الشريان الرئيسي لأهالي الضفة الغربية ومنفذهم الوحيد إلى الأردن، لتشتعل الحرب الكلامية بين الجانبين على المستويات الشعبية والإعلامية والدبلوماسية.
الحادث أربك حسابات إسرائيل التي كانت تخطط خلال الفترة الماضية، وخاصه بعد فشلها في تهجير الغزيين إلى مصر بسبب صلابة موقف القاهرة الرافض للتهجير، في تكرار سيناريو غزة بالضفة الغربية وتهجير أهالها إلى الأردن بأي صورة كانت.
المملكة الأردنية كانت يقظة منذ البداية للحدث وبذلت جهودا مضنية بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين وجاء رد الدبلوماسية الأردنية واضحا على لسان أيمن الصفدي وزير الخارجية، مؤكدا أن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن بمثابة إعلان حرب وسيتم التعامل معه وفق ذلك.
علاقات الأردن وإسرائيل ليست على المستوى الجيد وتشهد توترا متصاعدا رغم استمرار التفاهمات الإستراتيجية بين البلدين، إلا أن هناك تراجعا في بعض المجالات السياسية والأمنية واحتقن التوتر بين الجانبين بسبب حرب غزة وبناء المستوطنات في الضفة الغربية، بالإضافة إلى رفض الأردن للتصرفات الاستفزازية الإسرائيلية في الأماكن المقدسة، وخاصة الحرم القدسي حيث تحتفظ المملكة بالوصاية الهاشمية عليها.
إسرائيل التي تعتمد سياسة الأرض المحروقة، والحدود الملتهبة، تركت الزمام في أيدي السفاح نتنياهو الذي فقد عقله، وأصبحت حدود الكيان المحتل على يديه مشتعلة في كافة الاتجاهات مع مصر والأردن ولبنان وسوريا، بخلاف ما يحدث في فلسطين، في آن واحد وقابلة للانفجار الشامل في أي لحظة، وهذا للأسف ما يسعى إليه رئيس وزراء الكيان الذي يجتهد لاندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط لا يعلم مداها إلا الله.
تباينت ردود الأفعال حول حادثة معبر الكرامة، فقد أكدت الفصائل الفلسطينية أن ما حدث عمل بطولي، وقالت حماس إن الحادث رد فعل طبيعي لجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في غزة، واعتبرته شكلا جديدا لانخراط الأمة في المواجهة مع العدو المحتل، ووصفت حركة الجهاد العملية بالبطولية وأنها تعبر عن نبض الشعب الأردني والشعوب العربية والإسلامية تجاه الأوضاع الراهنة.
وفي الجانب الآخر وجهت إسرائيل أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى إيران وأن هناك محور شر يعمل تجاه تل أبيب.
إسرائيل عضو غريب غير متوائم زرع بالقوة في الجسد العربي الذي يرفضه كل يوم عن سابقه، وسوف تتزايد مشاعر الكراهية داخل الشارع العربي بقوة تجاه الاحتلال بصرف النظر عن الموائمات السياسية التي تنتهجها بعض الدول في علاقاتها مع الكيان.
جرائم الحرب وعمليات الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد الأشقاء الفلسطينيين ومحاولات تهجيرهم، وتحويل أراضيهم إلى أرض لا يمكن العيش فيها، لإنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد، كلها أعمال إجرامية تؤجج مشاعر الكراهية لدى العرب والمسلمين تجاه الصهاينة، وسوف تؤدي إلى انفجار الغضب المكتوم في الصدور في كل مكان.
الاحتلال عصابة متمردة يقودها صهيوني دموي لا يعرف لغة السلام ولا حسن الجوار ولا احترام القوانين والمواثيق الدولية ولا اتفاقيات حقوق الإنسان.. لكنه لا يدرك أنه كلما زادت جرائمه قربت نهايته وأن أشد لحظات الليل ظلمة تلك التي تسبق ضوء الفجر، وأن نصر الله أت لا محالة، وإن غدا لناظره قريب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية