الجدل الدائر منذ أيام حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد هو في حد ذاته ظاهرة صحية.. والحوار حوله أمر جيد، خاصة أن هذا القانون من القوانين المكملة للدستور فإن كان قانون العقوبات هو القدم اليمنى للدستور فقانون الإجراءات هو قدمه اليسرى وبدونهما لا يستطيع الدستور أن يقف ليقوم بدوره فى تنظيم الحياة فى البلاد.
وفكرة وضع قانون جديد لقانون الإجراءات هي فكرة جيدة، خاصة أن القانون منذ وضعه في بداية القرن الماضي كل ما حدث عليه هو تعديلات فرضتها التطورات في الحياة أي كان رد فعل وتغيير الأنظمة السياسية وتوجهات الدولة من ملكية إلى اشتراكية إلى رأسمالية إلى ما نحن فيه الآن.
ووضع قانون للإجراءات الجنائية يلبي التطور المتسارع في الحياة، خاصة في مجال التكنولوجيا والمعلومات فهو يحتاج إلى مناقشات أكثر وأعمق وإعادة تعريف أدوار السلطات في المجتمع لأن الجريمة يمكن أن تأتي إلينا من خارج الحدود وليس لدينا سلطة لإحضار مرتكبيها والأمر الأهم أن يستجيب مشروع القانون للدستور.
وفي ظل هذا الحوار هناك عدة اقتراحات قدمت إلى لجان الصياغة ولأنني لم اطلع على مشروع القانون لذا لا استطيع الحكم على مواده إلا من خلال الآراء التي طرحت، خاصة رؤية نقابة المحامين ونقابة الصحفيين التي خصصت جلسة خاصة لمناقشة المواد المتعلقة بحرية النشر في القانون وخاصة جلسات المحاكم التي نص الدستور على علانيتها حتى يطمئن المتقاضين إلى عدالة ونزاهة المحكمة.
وبالتالي أي قيد على هذا الحق مهما كان مبرره يشكك في المحاكمة من الأول قبل مبررات حماية المتهمين أو المعلومات التي ستطرح في القضية أو تنظيم الجلسة لأن من أركان المحاكمة العادلة النزيهة الحق في الدفاع وممارسة هذا الحق بدون قيود وكذلك علانية الجلسات وهي قواعد دولية متعارف عليها ووافقت عليها الدولة المصرية واعتمدتها السلطة القضائية فلا يجوز التراجع عنها أو تقيديها.
أما القضية الثانية التي كنت أتمنى أن أجدها في مشروع القانون هي الخاصة بولاية القضاء المصري ويجب أن نعطيه ولاية دوليه مثل الدول الأوروبية ويحق للقضاء المصري محاكمة أي شخص مهما كانت حصانته السياسية والدبلوماسية ومهما كان منصبه إذا ارتكب جرائم جسيمة لحقوق الإنسان في أي مكان في العالم وجرائم ضد الدولة المصرية أو الرعايا المصريين وأن يعطى لقضاء الحق في ضبطه وإحضاره ومحاكمته أسوة بدول أوروبا.
والشىء اللافت في النظر في هذه الحوار هو الرد المتشنج من اللجنة الدستورية والتشريعية على انتقادات الزميل والنقيب خالد البلشي على مشروع على القانون وهو رد ليس في محله ويحمل دفاع بمعنى «يكاد المريب أن يقول خذوني» وكان الأولى باللجنة أن تدعو النقيب إلى اجتماع لإبداء رأيه في القانون والتداول حوله، خاصة أنه لا يوجد استعجال في تمريره لأن البرلمان أمامه شهرين تقريبا للانعقاد.
واقترح على رئيس مجلس النواب أن يعرض مشروع القانون على الرأي العام وأن يطلب من المواطنين تقديم اقتراحاتهم حوله يمكن أن يأتيه اقتراح من مواطن بسيط ينهي هذه الحالة من الجدل قبل مناقشته في الدورة القادمة فنشر المشروع أمر سهل مهما كانت عدد مواده ويتم الاستعانة بتجربة الحوار الوطني الذي دعا المواطنين لإبداء آرائهم في قضايا وشارك آلاف فيه وفق بيانات مجلس الأمناء.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية