كان الرئيس السادات رحمه الله حاد الذكاء.. داهية في السياسة وخبير في العسكرية واستراتيجيات الحروب.. مفاوض بارع.. صاحب موهبة في إدارة الدولة.. وعلى علم ودراية بأصول الحكم.. استحق لقب بطل الحرب والسلام عن جدارة واستحقاق.. صاحب قرار الحرب التي أعادت لمصر والأمة العربية بأجمعها كرامتها، كما أعاد بناء الدولة التي تعرضت لمحنة قاسية على أيدي قيادة عاشت أوهام الزعامة وأوصلتنا إلى هزيمة 67.
وكما قال الرئيس السادات في خطابه أمام مجلس الشعب في أعقاب النصر أن التاريخ العسكري سيتوقف طويلا بالفحص والدرس أمام عملية السادس من أكتوبر عندما تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس واجتياز خط بارليف وعبور الضفة الشرقية من القناة.. وقد تحقق ما قاله الرئيس وما زالت أحداث النصر تحت مجهر التاريخ.
وإذا كانت أسباب النصر كثيرة ومتعددة منها ما يتعلق بشخصية الرئيس وقدراته السياسية والعسكرية ومنها ما يتعلق بخبرة وبسالة القادة العسكريين وأسباب أخرى تتعلق بشجاعة وقرات الجنود البواسل الذين أذهلوا العالم.. إلا أنتي أتوقف أمام جملتين كل جملة منهما تتكون من كلمتين، وكل جملة منهما تعد منهج وطريقا للنصر.. الأولى صيحة «الله أكبر» التي انطلقت مدوية في سماء المعركة وكان لهذه الصيحة الأثر الأكبر في رفع الروح المعنوية وتحقيق النصر.
لم تكن هذه الصيحة مجرد هتاف ولكنها كانت تبعث الثقة واليقين بالنصر.. لم تكن نابعة فقط من الرئيس وحده ولا من القائد العظيم سعد الدين الشاذلي الذي وضع خطة النصر وأطلق عليها «المآذن العالية».. ولكنها كانت صيحة جنود بواسل آمنوا بأن الله سينصرهم على عدوهم وكان إيمانا لا يلين ولا يتزعزع.
أما الجملة الثانية التي برع فيها الرئيس السادات وكانت من أهم أسباب النصر هي «اعرف عدوك». نجح الرئيس في فهم سيكولوجية العدو وأيقن أن إسرائيل تعيش غرور وحماقة القوة.. أدرك الرئيس السادات أن العدو المتغطرس يعيش حالة من الغرور والغطرسة والحماقة.. غطرسة لا تستند لأي قوة حقيقية وحماقة تظهر في الأفكار والمعتقدات والتصرفات.
تنبه الرئيس إلى أن العدو يقف على أرض رخوة، وأن قوته المزعومة يستمدها من الغرور الذي دائما ما يذهب بصاحبه إلى التهلكة.. من هنا كان تقديره لموازين القوى التي تعتمد على الحقائق وليس الأوهام.. من هنا اتخذ الرئيس قرار الحرب وهو يقف على أرض صلبة وعلى يقين من النصر.
هذا ما فعله الرئيس السادات من أجل وطن عزيز غالي وأمة خالدة.. واليوم ونحن نعيش ذكرى النصر العظيم لم يجد الرجل من ينصفه إلى وقتنا هذا.. لكن وجدنا من يتحدث ويكتب ويتناول بالبحث والدراسة والتحليل أعمال الزعيم الملهم الذي جلب لنا الهزيمة والخزى والعار والخراب والدمار وعاش أوهام الزعامة التي أوردتنا المهالك.. ومازال الدراويش والمريدين يقدسونه حتى اليوم.
إن ما فعله الرئيس السادات يحتاج إلى كتب ومراجع في العبقرية والتخطيط والدراسة والدهاء السياسي والاستيراتيجية العسكرية.. فهل نبدأ من الآن -وليس غدا- ونعمل على إنصاف الرئيس والقائد الشجاع بعد أن ظلموه حيا وميتا؟
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية