واضح أن المسؤولين في مصر ورثوا موضوع ألا يتحركوا إلا بعد وقوع الكارثة.. وهي عادة قديمة جدا.. وتحركهم يكون مؤقتا لتهدئة الرأي العام فقط وتعود ريمة بعدها لعادتها القديمة.. الإعلام والصحافة وكبار الكتاب وأبواب الشكاوى مملوءة بقصص وروايات عن سائقي النقل العام سواء القطاع الحكومي أو الخاص أو المشترك يتعاطون المخدرات بكافة أنواعها وخاصة أقراص الترامادول أو المورفين بجانب المخدرات العادية وهي الحشيش والبانجو بخلاف سائقي الميكروباص والتعاطي يكون علنا.
ولأن السائقين مقتنعين أن هذه المخدرات تجعلهم في حالة يقظة طول الطريق إلا أن الحادث الناتج عنه يكون دمويا مثلما شهدنا أتوبيس طلاب جامعة الجلالة في الأسبوع الماضي وغيره من عشرات الحوادث على طريق الصعيد الشرقي لأن الحادث تحمل مسؤوليته السائق سوف يحكم عليه ويتم نسيان الموضوع تماما إلى أن يقع حادث آخر أكثر دموية.
قضية تعاطي سائقي النقل العام المواد المخدرة معروفة وتجدها في شركات النقل القطاع الخاص والمشترك والحكومي الكبرى بين المحافظات وكذلك سائقي أتوبيسات وسيارات النقل العام والأخطر هي الأتوبيسات التابعة للجمعيات التعاونية داخل المدن وخاصة في القاهرة والجيزة ومن يستقلون هذه السيارات متعودين على منظر قيام السائق ومساعده بتعاطي المخدرات أثناء الطريق.
وسبق أن كتب عدة مقالات المطالبة بتشديد الرقابة على هذه السيارات لكن لا أحد يسأل خاصة وأن مجالس إدارات هذه الجمعيات تضم مسؤولين كبار في المحليات ويتقاضون مكافأت شهرية كبيرة من أرباح هذه السيارات التي لا تلتزم بخط السير كما تقوم بتقطيع الطريق مثلها مثل السيارات الميكروباص طبعا بجانب سوء المعاملة للركاب وهو ما يعرف قانونا بتضارب المصالح وهو طريق الفساد.
منظومة النقل العام بمصر بشقيها العام والخاص تحتاج إلى رقابة مستقلة وقوية وأن يكون لها صلاحيات التفتيش على سائق في أي مكان والتعامل بسرعة مع أي شكوى وأن يكون لها أرقام ساخنة وأن يكون لها صلاحية التفتيش على شركات النقل بجميع أنواعها ومستوياتها ومتابعة الحالة الفنية للأتوبيسات بمختلف أحجامها وسيارات الميكروباص خاصة وأن أجهزة النقل الداخلي فشلها وتشارك في التغطية على جرائم إدارة وسائقي الأتوبيسات.
فنحن في حاجة إلى قانون واضح وصريح يمنع تضارب المصالح ونحتاج إلى إعادة النظر في الطرق الجديدة وتزويدها بالخدمات سريعا والعلامات الإرشادية وإنارتها باستخدام الطاقة الشمسية خاصة وأن رسوم العبور تضاعفت عشرات المرات فهذه الأموال بدلا من توزيعها مكافأة للهيئات المسؤولة على الطرق سيتم استخدامها لتحسين الخدمات وإنارتها خاصة أن أغلب الأتوبيسات وخاصة النقل الداخلي تفتقد إلى شروط المتانة والأمن والشروط الخاصة الواردة في قانون المرور ولا يوجد تفتيش على هذه الجزئية.
أتمنى أن تتحرك الحكومة في اتجاه العمل الجاد لتقليص عدد حوادث الطرق وحماية المواطنين من أصحاب المزاج سواء سائقين أو إداريين أو قيادات فإن لم تتحرك لن يكون حادث الجلالة هو الأخير.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية