على مدى السنوات القليلة الماضية، شهدت منطقة الشرق الأوسط تغييرات هائلة وضغوطًا أمنية متزايدة جعلت الوضع في كثير من الدول المجاورة لمصر أكثر تعقيدًا وخطورة.
تحيط بمصر اليوم بيئة إقليمية مشتعلة تتطلب استعدادات متواصلة ويقظة عالية، لتتمكن من حماية أمنها القومي وضمان استقرارها الداخلي.
يعتبر السودان مثالاً بارزًا على الأزمات المتفجرة في دول الجوار، حيث يعيش صراعات داخلية محتدمة بين الأطراف السياسية والعسكرية، مع ارتفاع أعداد النازحين والمعاناة الإنسانية المتفاقمة.
تؤثر هذه الأزمة على مصر بشكل مباشر، خاصة على حدودها الجنوبية، حيث تضطر مصر إلى تأمين حدودها وضبط تدفقات اللاجئين التي تتزايد نتيجة لهذه الأوضاع.
تقع ليبيا إلى الغرب من مصر، وقد أصبحت الساحة الليبية ملاذًا للميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى الانقسامات السياسية التي جعلت البلاد ساحة تنافس لقوى إقليمية ودولية.
تأثرت مصر بهذه الأزمة، حيث يشكل الوضع في ليبيا تهديدًا لأمنها القومي، مما دفعها لتعزيز وجودها العسكري على الحدود المشتركة وتكثيف المراقبة الأمنية للحفاظ على استقرارها ومنع تسلل العناصر الإرهابية.
وعلى الحدود الشمالية الشرقية، تتابع مصر بقلق تطورات الصراع المستمر بين إسرائيل وقطاع غزة.
تلعب مصر دورًا مهمًا في محاولات التهدئة ورعاية الهدن الإنسانية بين الأطراف المتنازعة، حرصًا منها على منع تفاقم الأوضاع وامتداد النزاعات إلى أراضيها.
وفي الشرق شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا كبيرًا في الأنشطة الإرهابية لجماعة الحوثي، التي استولت على أجزاء واسعة من اليمن منذ عام 2014.
يمثل إرهاب الحوثيين تهديدًا مستمرًا ليس فقط لليمنيين، ولكن أيضًا لأمن البحر الأحمر واستقرار المنطقة ككل.
ويشكل تحديًا كبيرًا للأمن الإقليمي، حيث تؤدي الهجمات الحوثية المتكررة إلى تهديد مباشر للسفن التجارية وإثارة المخاوف من عرقلة حركة النقل البحري.
ومن شأن هذا الوضع أن يزيد من حدة التوترات بين الدول المطلة على البحر الأحمر، ويؤثر سلبًا على استقرار المنطقة بأكملها.
ورغم البعد الجغرافي النسبي، فإن الوضع في سوريا يمثل بعدًا إضافيًا لتحديات الأمن القومي المصري، حيث أثرت الأزمة السورية على الاستقرار في المنطقة ودفعت بأعداد كبيرة من اللاجئين والنزوح. كما أن وجود الجماعات المتطرفة في سوريا يمثل تهديدًا محتملًا لمنطقة الشرق الأوسط بالكامل.
بالإضافة إلى الصراعات المباشرة، فإن مصر تعيش وسط توترات ناتجة عن تدخلات بعض القوى الإقليمية والدولية في شؤون المنطقة، ما يضاعف من التحديات الأمنية. فهناك محاولات لاستغلال الصراعات الداخلية في دول الجوار بهدف فرض نفوذ سياسي وأمني، وهو ما يتطلب من مصر اتخاذ مواقف واضحة لحماية مصالحها واستقرارها.
باختصار.. تلعب مصر دورا كبيرا في حفظ الأمن الإقليمي، ووسط هذه الحدود الملتهبة، تبذل القاهرة جهوداً كبيرة لضبط الأوضاع الأمنية في حدودها ومساعدة دول الجوار قدر المستطاع من خلال التوسط وتقديم الدعم الإنساني، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الأمني والمخابراتي مع الحلفاء لمكافحة الإرهاب وصد أي تهديدات خارجية.
وختامًا، يمكننا القول إن استقرار مصر أصبح يعتمد بشكل كبير على قدرتها على التعامل بحكمة ومرونة مع محيطها الإقليمي المتوتر.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية