في خضم صراع داخلي عنيف يضرب السودان منذ شهور، يتفاقم الوضع الأمني والإنساني مع ظهور أكثر من 100 ميليشيا مسلحة تهدد بتدمير النسيج الاجتماعي والسياسي في البلاد.
هذه المجموعات الإرهابية، التي تتنوع أهدافها بين النفوذ السياسي والهيمنة الاقتصادية، أصبحت تمثل خطراً وجودياً على السودان، بل وتلقي بظلالها على الأمن الإقليمي والدولي.
الصراع المستمر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أفسح المجال لظهور مئات المجموعات المسلحة، التي تنشط في مختلف أقاليم السودان. بعضها مرتبط بعصابات تهريب السلاح والبشر، والبعض الآخر مدعوم من أطراف خارجية تسعى لزعزعة استقرار البلاد واستغلال مواردها الطبيعية.
تشير التقارير إلى أن هذه الميليشيات لا تستهدف فقط السيطرة على الأراضي، بل تعمل أيضاً على نشر الفوضى لتعطيل جهود السلام.
هذا الوضع ينذر بتقسيم السودان فعلياً إلى مناطق نفوذ، مع انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة الرسمية.أدت الفوضى المسلحة إلى نزوح ملايين السودانيين داخلياً وخارجياً، مع انهيار الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.
يتعرض المدنيون لانتهاكات جسيمة، تشمل العنف الجنسي والتجنيد الإجباري للأطفال، ما يجعل الوضع في السودان من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم اليوم.
في مواجهة هذه التحديات، تتحرك مصر على عدة محاور لاحتواء الأزمة السودانية، إدراكاً منها بأن استقرار السودان جزء لا يتجزأ من أمنها القومي.
قادت مصر مبادرات لحشد الدعم العربي والإفريقي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الأطراف المتصارعة. كما استضافت مؤتمرات للحوار بين الفصائل السودانية المختلفة، مؤكدة أهمية الحل السياسي للأزمة.
أرسلت القاهرة مساعدات إنسانية عاجلة إلى المناطق الأكثر تضرراً في السودان، كما فتحت حدودها لاستقبال اللاجئين السودانيين، مع تقديم دعم طبي ولوجستي لهم.
تسعى مصر للتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين للحد من انتشار الميليشيات المسلحة وتأمين الحدود المشتركة مع السودان.
تمثل الأزمة السودانية تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، خاصة مع امتداد أعمال العنف إلى مناطق قريبة من الحدود المصرية. وتحذر القاهرة من أن انهيار السودان قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من الإرهاب والهجرة غير الشرعية التي قد تؤثر على المنطقة بأكملها.
باختصار.. السودان اليوم على مفترق طرق، بين الفوضى الشاملة أو استعادة السلام والاستقرار.
وتبقى الجهود المصرية المستمرة لتهدئة الأوضاع، بارقة أمل في ظل تعقيدات المشهد السوداني، لكنها بحاجة إلى دعم دولي وإقليمي أكبر لوقف النزيف وإنقاذ السودان من الهاوية.