إصدار مذكرات اعتقال بحق شخصيات سياسية إسرائيلية بارزة مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، ويوآف جالانت وزير الدفاع، يمثل نقطة تحول هامة في مسار العدالة الدولية، خاصة في ظل الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومع ذلك، فإن هذا القرار لن يُحدث تأثيرًا كبيرًا ما لم يُستثمر بشكل صحيح على المستويين المحلي والدولي.
أولاً: مطلوب تحرك عاجل على المستوى المحلي الفلسطيني يتمثل في:
* توحيد الجبهة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام بين الفصائل وتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التطورات بشكل موحد، وتشكيل لجنة قانونية ودبلوماسية مشتركة بين السلطة الفلسطينية والفصائل لتنسيق الخطوات المقبلة.
* تقديم المزيد من الأدلة، وجمع الوثائق والشهادات التي تدعم تورط نتنياهو وجالانت في جرائم حرب، مثل قتل المدنيين، تدمير البنية التحتية، والاستيطان غير القانوني.
*توثيق الانتهاكات المستمرة وإعداد ملفات قانونية جديدة لتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
* رفع الوعي الشعبي، عبر تنظيم حملات شعبية داخل فلسطين وخارجها لتعريف العالم بالجرائم المرتكبة وتعزيز الدعم للقرارات الدولية.
*دعم الجهود الإعلامية الفلسطينية في تسليط الضوء على القرار وفضح جرائم الاحتلال.
ثانيًا: وجود تحرك موازي سريع على المستوي الدولي لدخول القرار حيز التنفيذ بحكم القانون وذلك عبر الخطوات التالية:
* الضغط على المحكمة الجنائية الدولية، من خلال التواصل المستمر لضمان سرعة تنفيذ مذكرات الاعتقال والضغط على الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي للتعاون في اعتقال المسؤولين الإسرائيليين.
* تحذير المحكمة من الضغوط السياسية المحتملة التي قد تعيق تنفيذ العدالة.
* استثمار القرار في المنظمات الدولية، وتقديم قرارات دعم في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان حول ضرورة التزام الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات الاعتقال.
* الدعوة إلى فرض عقوبات دولية على إسرائيل إذا استمرت في تجاهل القوانين الدولية.
* بناء تحالفات دولية، من خلال التواصل مع الدول التي تؤيد القضية الفلسطينية مثل جنوب إفريقيا، تركيا، ماليزيا، وبعض دول أمريكا اللاتينية لتعزيز الضغط الدبلوماسي.
* استخدام القرار كورقة ضغط للتأثير على الدول الغربية المترددة في اتخاذ مواقف صارمة ضد إسرائيل.
* محاصرة المسؤولين الإسرائيليين دوليًا، ومتابعة تحركات نتنياهو وجالانت لمنعهم من زيارة الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، حيث يمكن اعتقالهم.
* فضح محاولات إسرائيل لتجاوز القانون الدولي من خلال حملات إعلامية موجهة للرأي العام العالمي.
ثالثًا: استثمار القرار سياسيًا وقانونيًا كورقة ضغط للحصول على العديد من المكاسب بما يخدم مصلحة القضية الفلسطينية وفقاً لما يلي:
* تعزيز القضية الفلسطينية دوليًا، وإبراز أن هذا القرار يثبت ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب، مما يعزز الرواية الفلسطينية في المحافل الدولية.
* استخدام القرار للمطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل ووقف تصدير الأسلحة لها.
* إعادة تفعيل المفاوضات الدولية، ودعوة المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في موقفه من الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد اعتراف قرارات دولية بجرائمه.
* حشد الدعم لتفعيل المبادرات الدولية التي تدعو لإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية مستقلة.
* تعزيز التعاون مع المجتمع المدني الدولي، عبر العمل مع منظمات حقوق الإنسان الدولية لتوسيع قاعدة الدعم القانوني والسياسي ضد الاحتلال.
* تنظيم ندوات ومؤتمرات دولية لتسليط الضوء على القرار وآثاره على تحقيق العدالة.
رابعًا: الاستعداد لمواجهة العراقيل المتوقعة بسبب الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي وفق عدة محاور:
* الضغوط السياسية، وقد بدأت منذ اللحظات الأولى لصدور مذكرتي الاعتقال من الولايات المتحدة والدول الحليفة لإسرائيل لعرقلة تنفيذ القرار، ما يستدعي تحركًا عربيًا وإسلاميًا مضادًا.
* التلاعب الإعلامي الذي يستخدمه اللوبي الصهيوني وجماعات الداعمين لترويج الرواية الإسرائيلية التي تسعى لتشويه القرار عبر حملات إعلامية تستهدف الرأي العام العالمي.
* البطء في التنفيذ، من خلال الضغط المستمر على المحكمة الجنائية الدولية للإسراع في الإجراءات وعدم الرضوخ لأي عراقيل سياسية.
باختصار.. يمثل قرار محكمة العدل الدولية إصدار مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وجالانت، فرصة تاريخية نادرة للعرب والمسلمين لاستثمار آليات القانون الدولي ضد الاحتلال الإسرائيلي.
المطلوب الآن هو عمل جماعي شامل يدمج بين التحرك القانوني، والدبلوماسي، والإعلامي لضمان عدم ضياع هذه الفرصة، وتحويلها إلى أداة فعالة لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب التي لطالما تمتعت بها إسرائيل.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا