لم تكن رحلات «جليفر» بين بلاد الأقزام وبلاد العمالقة وبلاد العباقرة، إلا بحثاً عن مكان يعيش فيه، هكذا تمناها كاتب الرواية الإنجليزي الساخر «سويفت» الذي ابتدع تلك الشخصية الخيالية في القرن الثاني عشر.
وكان بطل هذه الرواية طبيب إنجليزي يتصف ببرودة الأعصاب، متبلد المشاعر، نادراً ما تحس بانطباعاته الشخصية أو العاطفية، وسافر به كاتب الرواية إلى بلاد الأقزام التي كانت مقسمة بين ناس مع القديم ولا يفكرون في أي جديد وأخرين يعارضون القديم ويطالبون بالتغيير.
وفي يوم أصدر الملك «فرمان» بعدم أكل بيض المائدة إلا يوم واحد في الأسبوع، فرفض البعض، فحبسهم وهرب أخرين إلى بلاد مجاورة وطلب من جليفر باعتباره عملاق أن يحارب معه، فرفض جبروت الملك فهرب وعاد إلى لندن لأنه لم يكن أن يساهم في الاستبداد.
وسافر مرة ثانية إلى بلاد العمالقة، فأصبح هو القزم، ولم يجد مكاناً يعيش فيه غير الشقوق والجحور مع النمل والفئران، ووجد نفسه لا ذكر له، ومعاركه من أجل العيش مع هؤلاء الحشرات، وليس هناك أي لغة مع العمالقة، فمن شدة خوفه هرب ليعود إلى لندن.
إلا أن الكاتب ذهب به إلى بلاد العباقرة «بلاد الأرض الطائرة» التي يستمع فيها قائدها لأصوات النجوم، إلا أنه كان يعتمد على تمويل اختراعاته ومشروعاته على الضرائب التي يطلبها من الناس، فلم يحتمل العيش مجرد ممول لاختراعات لا يستفيد منها، فعاد إلى لندن ليُعلن أنه ليس هناك أرض صالحة للعيش دون ظُلم.
لم نقصد أحداً!!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا