تشهد المنطقة العربية تحولات استراتيجية عميقة غير مسبوقة، تتيح لقوى خارجية تعزيز نفوذها في البلدان العربية المنهكة من الحروب والانقسامات والفتن، واليمن ليس استثناءً بعد ما يحدث في غزة ولبنان وسوريا وليبيا، ومن قبلهم العراق.
مع استمرار الحرب التي أهلكت الحرث والنسل منذ سنوات، شاركت عشرات المقاتلات الإسرائيلية اليوم، في الهجوم على صنعاء والحديدة، واستهداف محطتي كهرباء وبنى تحتية.
أشارت تقارير إلى دور إسرائيلي متزايد في التأثير على مجريات الأحداث في هذا البلد العربي المهم، مستغلة ضعف الدور العربي وتشتت الجهود الدولية.
الدور الإسرائيلي في اليمن، ممتد لسنوات طويلة مضت، ولطالما كان البحر الأحمر والخليج العربي محور اهتمام إسرائيلي لتحقيق أهدافها الأمنية والاقتصادية.
واليمن، بموقعه الاستراتيجي المطل على مضيق باب المندب، يعتبر نقطة حيوية لأي ترتيبات استراتيجية إسرائيلية.
تُظهر تقارير متعددة دعم إسرائيل لأطراف إقليمية تحاول فرض هيمنتها على اليمن، وذلك عبر دعم لوجستي وتقني واستخباراتي.
تهدف إسرائيل، من خلال هذا التدخل غير المباشر، إلى تأمين مصالحها البحرية وضمان استمرار سيطرتها على خطوط التجارة العالمية.
كما أن تعزيز التوترات في اليمن يُسهّل لإسرائيل تحقيق هدفها الأكبر، وهو إضعاف العالم العربي وتشتيت قدراته في قضايا جانبية تمنع التركيز على القضية الفلسطينية.
في ظل هذه التدخلات الإسرائيلية، يبقى السؤال: أين الدور العربي؟، ولماذا هذا الصمت المريب؟
تعاني الدول العربية من حالة تشرذم داخلي وخارجي تجعلها عاجزة عن تقديم رؤية موحدة لحل الأزمة اليمنية.
وبدلاً من التركيز على إنهاء الحرب وإعادة الاستقرار لهذا البلد الذي يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، نجد أن بعض الدول العربية تدعم أطرافاً متصارعة تزيد الوضع تعقيداً.
هذا الغياب العربي فتح المجال أمام أطراف إقليمية ودولية، بما فيها إسرائيل، لتعزيز حضورها وتحقيق أهدافها الخاصة على حساب الشعب اليمني.
باختصار.. لا يمكن للدول العربية أن تستمر في تجاهل المخاطر التي تواجه اليمن، ليس فقط بسبب البعد الإنساني، ولكن أيضاً بسبب التداعيات الاستراتيجية.
إن استمرار الوضع الحالي سيُضعف الأمن القومي العربي ويعزز نفوذ إسرائيل وغيرها من القوى الطامعة.
إن الحاجة ماسة إلى تحرك عربي شامل يجمع بين الحلول السياسية والتنموية لإنقاذ اليمن من هذه الكارثة، وإعادة بناء الدولة اليمنية على أسس تضمن استقرارها بعيداً عن التدخلات الخارجية.
اليمن اليوم بحاجة إلى أصوات عربية صادقة تتحرك لإنقاذه من براثن القوى الخارجية الطامعة، لأن أي تجاهل لهذه الأزمة يعني السماح باستمرار تآكل الأمن القومي العربي لصالح أجندات لا تخدم إلا أعداء الأمة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية