يبدو أن التعليم في مصر أصبح مشكلة المشاكل.. وأصبح التلاميذ المصريين حقول تجارب على مدار 5 عقود تقريبا.. وأصبح كل من تولى هذا الملف من وزراء يحاول أن يحل الأزمة التي تتفاقم يوما بعد يوم، وأصبح الكل عاجز تقريبا عن الدخول في صميم الأزمة وعلاج أسبابها.
فمنذ أن كان المرحوم الدكتور أحمد فتحي سرور وزيرا للتعليم في نهاية الثمانينات من القرن الماضي والتجارب مستمرة، فمنذ إلغاء «سنة سادسة» باعتبارها سنة ليس لها لازمة في السلم التعليمي ثم أعادها المرحوم الدكتور حسين كامل بهاء الدين وقتما كان الدكتور سرور رئيسا للبرلمان والتجارب مستمرة.
وكانت أبرز هذه التجارب الثانوية العامة على سنتين، ثم عادت سنة وانتهينا إلى نظام التابلت وإلغاء وعودة التحسين وحتى ما أعلنه الوزير الحالي محمد عبد اللطيف في اجتماع مجلس الوزراء عما اسماه البكالوريا المصرية وإلغاء مسمى الثانوية العامة وشطبها من جدول كلمات اللغة العربية.
وكما قال رئيس الوزراء إن المناقشات حول هذا النظام الجديد استمرت لمدة ساعتين ثم قررت الحكومة طرحه للحوار المجتمعي لمناقشته وهنا انقسم في الرأي العام حول هذا النظام منهم من عارضه تماما بسبب الوزير نفسه وما أثير حوله من لغط حين تولي منصبه، ومنهم من رفضه لأنه نظام غامض حتى الآن وكل يوم يخرج علينا متحدث وزارة التعليم ليعلن عن تفاصيل جديدة ويوضح الغموض وياليته لا يفعل لأن كل مرة يتحدث فيها يزيد الأمر غموضا.
وهناك من يرى أن النظام يحتاج إلى مزيد من الدراسة والمناقشة من قبل المختصين وعلى رأسهم أساتذة التربية والمناهج والإدارة في حوار واسع حر لا يستبعد فيه أحد تحت أي سبب من الأسباب لأنه في حالة التوافق عليه سيعيش هذا النظام سنوات طويلة ولكن إن لجأت الحكومة إلى إدارة حوار مع رجالاتها أو المشتاقون للمناصب سوف يكون نظام مؤقت مثله مثل كل الأنظمة التي مرت علينا في الخمس عقود الماضية.
والأهم في أزمة التعليم هو أمر مهم جدا فالعيب ليس في الثانوية العامة ولكن العيب في موازنة التعليم نفسه وفي أجور المعلمين في المدارس، فنحن أمام ميزانية ضعيفة جدا للتعليم ومرتبات رغم زيادتها في السنوات الأخيرة إلا أن موجات الغلاء والتضخم جعلت قيمة هذه الزيادات لا تساوي شيئا إذا حسبناها بالعملة الثابتة وهي الدولار الأمريكي، فأي كلام عن رفع موازنة التعليم مقارنة بعقود سابقة يجب أن نشير إلى سعر الدولار مقابل الجنيه.. لكن الأرقام التي تعلن كل فترة هي خادعة لأن قيمتها الشرائية أقل بكثير مما كانت عليه الموازنة من عقد أو اثنين من الزمان.
التعليم في مصر يحتاج إلى الارتقاء بمستوى المعلمين ماديا وأدبيا ومعنويا أولا وإنشاء مدارس تستوعب الزيادة السنوية في عدد الملتحقين به ونظام إداري متطور يخضع العملية إلى تقييم حقيقي وواقعي مستمر في كل مدرسة من المدارس وإحياء الأنشطة الترفيهية للتلاميذ وحصص الألعاب والموسيقى والرسم وإعادة مناهج التربية الوطنية التي نحن في حاجة إليها الآن لزراعه الوعي في عقول التلاميذ وهي الأمور التي اختفت تماما واقعيا وإن كانت موجودة ورقيا لزوم التقييم الوهمي الذي يتم في المدارس.
هذا هو جوهر أزمة التعليم مدارس بلا إمكانيات ومعلمون لديهم إحساس بالظلم والقهر.. وإدارة بعيدة عن الواقع تماما فعندما نجد حلا لهذه المعضلة تعالى واطرح قضيه المناهج والنظم التعليمية ومنها البكالوريا التي تخرج لنا مبدعين كما قال الوزير في اجتماع الحكومة.