ليل غزة، الذي امتد لـ 467 يوماً، لم يكن مجرد فترة زمنية عابرة، بل كان ملحمة إنسانية نُسجت بخيوط من الدموع والصبر والتحدي.
كان ثمناً باهظاً، دفعه الأبرياء بأرواحهم، والأطفال بأحلامهم، والشهداء الذين بصموا على درب الحرية بدمائهم الغالية.
ذلك الليل الطويل شهد على صمود غزة في مواجهة الحصار الخانق والاحتلال الغاشم. كان درساً يروي للإنسانية أن الإرادة الصلبة قادرة على كسر كل القيود.
من بين الأنقاض ووسط الدمار، انبعث الأمل، ومن قلب الظلام وُلد الفجر، ليُذكّر الجميع بأن النصر يولد دائماً من رحم المعاناة.
رغم أوجاع ذلك الليل، أثمرت المعاناة قوة لا تُقهَر، وشعباً يحمل في أعماقه روح التحدي والإصرار على الحياة. بين ركام المنازل وخراب المدن، تجلت معاني التضامن والوحدة لأبناء غزة الذين وقفوا صفاً واحداً لإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب.
في تلك الليالي الحالكة، لم تكن غزة تتطلع فقط إلى شفقة العالم، بل كانت تقدم درساً عظيماً في الإنسانية.
أطفالها الممنوعون من أبسط حقوقهم ظلّوا يشعون بالأمل، رافضين أن تُقتل أحلامهم تحت وطأة الحصار أو أن تنطفئ أرواحهم تحت القصف.
وبرغم ثقل الأيام التي مرت، فإن غزة وجهت رسالة واضحة: مهما تعاظمت التحديات، فإن إرادة الشعوب تبقى أقوى من أي قوة طاغية.
وقد جسدت غزة رمزاً للمقاومة وصلابة الروح وقصة تروى للأجيال القادمة عن كيف يصبح الصمود قدراً للأحرار.
منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023 وحتى اليوم، خلف العدوان خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات. وفيما يلي نظرة على بعض الإحصائيات وفق تقارير متاحة:
الخسائر البشرية:
– أكثر من 46,600 شهيد، أكثر من نصفهم نساء وأطفال وكبار السن
– أكثر من 109,000 جريح
– ما يقارب 10,000 مفقود ما زالوا تحت الأنقاض أو مجهولي المصير
الخسائر المادية:
– تدمير أكثر من 30 مستشفى وانهيار شبه كامل للخدمات الصحية
– تضرر أو تدمير 85% من المدارس، مما أدى إلى شلل العملية التعليمية
– تضرر 92% من الطرق الرئيسية
– انهيار 84% من المرافق الصحية الأساسية
– تضرر 67% من شبكات المياه والصرف الصحي
– تدمير أو إلحاق الضرر بأكثر من 136,000 مبنى، بما في ذلك 245,000 وحدة سكنية، مما أدى إلى نزوح نحو 1.9 مليون شخص، أي حوالي 90% من سكان القطاع
الخسائر الاقتصادية:
– بلغت التقديرات الأولية للخسائر الاقتصادية نحو 18.5 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب
باختصار.. بالنظر إلى كل هذه الأرقام المخيفة، يبقى التساؤل عالقاً: هل استوعب العالم تلك الرسائل؟ هل يدرك أن غزة ليست مجرد مساحة جغرافية على خريطة متجاهلة، بل هي رمز لقضية إنسانية تنبض بالحق وتستدعي ضميراً عالمياً حيًّا؟
في كل ركن مدمَّر من غزة حكاية كفاح تحكي للأجيال أن العدالة ليست وهماً بعيد المنال بل حقٌ تُناضل من أجله أرواح تؤمن بالحرية.
غزة ستبقى شاهداً حياً على جرائم التاريخ وصموداً يدرس للأمم، وهويتها ستظل أيقونة لأمل لا ينتهي.