يقف الإنسان متأملاً طويلاً أمام مفهوم «المكر»، متسائلاً: هل يُعد من الخصال الطيبة أم أنه ينتمي إلى أفعال الدهاء والخُبث؟ في جوهره، يعكس المكر ذكاء الشخص عندما يستخدم الحيلة بذكاء وحساب لتحقيق أهدافه دون أن يُلحق الضرر أو ينتقص من حقوق الآخرين.
لكن، إذا أُسيء استغلال هذه الحيلة بطريقة لا أخلاقية أو مُضرة بالغير، يتحول المكر هنا إلى خُبث صريح. وهكذا، يظل معيار التفريق بين الفعل النبيل والفعل الخبيث هو الأخلاق.
إذا انحرف المكر نحو الشر واستُخدمت معه أدوات مثل الكذب والغش والتلاعب لتحقيق مآرب خفية، فإنه يصبح مذموماً. بل قد ينجح البعض في إخفاء نواياهم الخبيثة تحت ستار الخير، مثل إنشاء جمعيات خيرية لإطعام المحتاجين أو رعاية الأيتام وهم في الحقيقة ينهبون الأموال التي يتبرع بها الناس بدافع الإنسانية.
مثل هؤلاء يُسوِّغون أفعالهم غير النزيهة باستخدام عبارات مثل «القائمين عليها»، متجاهلين أن الهدف الحقيقي من التبرعات هو مساعدة الضعفاء والمحتاجين، وليس ملء جيوبهم الخاصة.
المسألة إذن واضحة وبسيطة عند التفريق بين الشخص الماكر والشخص الخبيث. إذا كان المكر يهدف إلى تحقيق النفع للضعفاء والمحتاجين دون اعتداء أو تزييف، فهو مكر محمود يعكس الخير.
أما إذا تحول إلى وسيلة لجني مكاسب شخصية على حساب الآخرين مستغلين ضعفهم أو محبة الناس للخير، فهو خُبث محض. فتحت مظلة «القائمين عليها»، قد يتحول العمل إلى وسيلة نصب تُفرَّق فيها نسبة بسيطة للفقراء بينما تُكدَّس البقية لجيوب هؤلاء المحتالين.
لم نُشِر إلى أحد بعينه، لكن ما قصدناه هو تسليط الضوء على الفارق الأخلاقي الذي يُميِّز بين الخير والشر في قضية المكر والخُبث.
لم نقصد أحداً !!