أتقدم بجزيل الشكر لكل من ساهم في استمرار نشر هذه الزاوية على مدار ثلاث سنوات كاملة، حيث لم تنقطع خلالها مقالاتي تحت عنوان «كلام في الهوا». تناولت فيها العديد من السلوكيات، لا سيما سلوكيات الأفراد الذين يتولون مواقع الإدارة.
والمثير للدهشة أن من كانوا محل ملاحظاتي خلال كتاباتي عن أسلوب إدارتهم، كانوا في ذات الوقت من أشد المعجبين بهذه المقالات، رغم أنني لم أجرؤ حينها على الاعتراف لهم بأنهم المعنيّون بكلامي.
وأعترف هنا بوضوح أن الإنسان لا يرى عيوبه بوضوح حتى لو نظر في المرآة، وكان مقالي هذا بمثابة تلك المرآة. دور المرآة أن تساعد الشخص على تصحيح صورته ليظهر في أفضل شكل أمام الآخرين.
والحقيقة أنني لاحظت استجابة واحدة فقط عبر السنوات الماضية، تمثلت في شخص اعتقد أنه المعني بما كتبته، فاختار التصرف بأسلوب يعكس فهمه لذلك وأوقف لي أمراً كان بيده. لم أعترض ولم أشكُ، فالأرزاق بيد الله وحده وليست بيد أي إنسان.
في الحقيقة، الهدف من هذه المقالات كان تسليط الضوء على فئة معينة ممن يسمّون بـ«حمير العنب». وهذا الوصف ليس إهانة بقدر ما هو توصيف لحالة من يعمل دون الاستفادة مما ينتجه، مثل الحمار الذي يحمل العنب دون أن يأكله. أما مَن أساء الفهم، فهذا شأنه.
وفي ختام عامي الثالث مع هذه الزاوية، أشكر الجميع مجدداً سواء لسوء فهمهم لما قصدته أو لفهمهم ضرورة إصلاح عيوبهم بهدوء وسريّة. لذلك قررت مستقبلاً عدم التوقف عن التلميح أو الإيضاح، بل سأوجّه كلامي مباشرة لأولئك الذين نصفهم يُعاني من نقص: نقص الموهبة، وقلة الثقافة، ورعاية الأمور التافهة!