كثيرًا ما أضع نفسي كمقياس لباقي الناس، وأتذكر بلا تردد تلك الهموم التي تثقل صدري. استحضرت في ذهني قصة خيالية جميلة تدور حول مجموعة من الأشخاص، كل منهم يحمل همًا ثقيلًا على صدره، معتقدين جميعًا أن الآخرين يعيشون بلا هموم.
اتفقوا فيما بينهم أن يلتقوا في ساحة واسعة خالية، حيث يضع كل منهم همومه جانبًا، ثم يختار من هموم الآخرين ما يبدو له أبسط من همه الخاص.
اجتمعوا بالفعل وألقوا همومهم حتى تكونت كومة عظيمة أشبه بجبل شاهق. بدأ كل واحد منهم يتفحص جبلاً من الهموم لاختيار ما يراه أسهل، لكن لم يحب أيٌّ منهم هموم الآخرين، فقرروا في النهاية أن يستعيدوا همومهم القديمة ويقبلوا بها؛ فرغم ثقلها بدت أهون من الغريب المجهول.
قال كل منهم في نفسه: «من رأى مصائب الآخرين هانت عليه مصيبته» و«اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته».
أدركت حينها أن الناس جميعًا ليسوا بمنأى عن القلق والهم، فلا تتفاجأ إذا سألت شخصًا عن حاله وقال بإخلاص إنه يكابد بعض المتاعب.
قد يحدثك عن مشكلاته مع المال أو أولاده، أو عن ضعفه الصحي، وربما عن شعوره بالظلم في عمله بسبب رئيس لا يقدّر جهده.
الهموم جزء من حياة الجميع، وتبدو دائمًا ثقيلة مهما كانت طبيعتها. لكن الحكيم هو من يتعلم مرافقة همه والتصالح معه برضا وهدوء.