شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها الرابعة والثلاثين التي عُقدت في العاصمة العراقية بغداد.
وأفاد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الاجتماع ركز بشكل رئيسي على الأوضاع الراهنة في المنطقة العربية وما تواجهه من تحديات شاملة، خاصةً الحرب في غزة، بالإضافة إلى التطورات في سوريا والسودان وليبيا والصومال. كما تناولت المناقشات طرق تعزيز العمل العربي المشترك لتحقيق آمال وطموحات الشعوب العربية.
وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن الرئيس ألقى كلمة مصر خلال القمة تناول فيها رؤية الدولة المصرية تجاه مختلف القضايا المدرجة على جدول الأعمال، وجاء نص الكلمة كما يلي:
في البداية، قدّم الرئيس السيسي شكره البالغ إلى نظيره العراقي الرئيس عبد اللطيف رشيد والشعب العراقي الشقيق على حفاوة الترحيب وحسن الاستقبال، معبراً عن تمنياته بالنجاح لرئاسة العراق الحالية للمجلس. كما توجه بالشكر إلى ملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة على جهوده الكبيرة خلال ترؤسه الدورة السابقة في دعم القضايا العربية وتعزيز وحدة الصف.
الرئيس شدد في كلمته على أهمية انعقاد القمة هذا العام وسط ظروف تاريخية واستثنائية تمر بها المنطقة، تتطلب تكاتف الجهود ووحدة المواقف حفاظاً على الأمن والاستقرار وصيانة حقوق الشعوب. وأكد أن القضية الفلسطينية تواجه الآن واحدة من أخطر مراحلها نتيجة تصعيد غير مسبوق من الاحتلال الإسرائيلي، حيث يعاني الشعب الفلسطيني من ممارسات عنيفة تهدف لطمسه وتهجيره خاصة في قطاع غزة.
القطاع يشهد تدميراً شاملاً وانتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي، مما أدى إلى نزوح أكثر من مليوني شخص داخلياً وسط معاناة إنسانية هائلة. أما في الضفة الغربية، فلا تزال السياسات القمعية والتدمير مستمرة، بينما يظل الشعب الفلسطيني متمسكاً بحقوقه وصامداً في وجه هذه التحديات.
الرئيس أكد على دور مصر المحوري خلال الأزمة، حيث بذلت جهوداً مستمرة منذ أكتوبر 2023 لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، مع تكثيف التواصل مع الأطراف الدولية الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة لدفع المجتمع الدولي لاتخاذ موقف واضح لإنهاء الكارثة الإنسانية.
وأشاد الرئيس باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم برعاية القيادة الأمريكية في يناير 2025 إلا أنه لم يستمر بسبب تداعيات جديدة للعدوان.
استعرض الرئيس أيضاً مبادرات مصر الإقليمية ومنها الدعوة لقمة القاهرة العربية غير العادية التي انعقدت في مارس 2025 وأسفرت عن موقف عربي موحّد برفض تهجير الشعب الفلسطيني ودعم خطة إعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها.
وأضاف أن مصر تعمل حالياً على تنظيم مؤتمر دولي للتعافي وإعادة إعمار القطاع بمجرد انتهاء العدوان. كذلك، أكد الرئيس أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم في المنطقة ما لم يتم إنهاء الاحتلال وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بإنشاء دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
في نهاية كلمته حول القضية الفلسطينية، أرسل الرئيس رسالة واضحة مفادها أن التطبيع وحده ليس كافياً لتحقيق السلام في المنطقة، مشيراً إلى أن أي جهود سلام لن تكتمل إلا من خلال منح الفلسطينيين كافة حقوقهم المشروعة.
بالانتقال إلى تحديات أخرى تواجه المنطقة العربية، أعرب السيسي عن قلقه العميق إزاء الوضع في السودان وضرورة التحرك الفوري لمنع تفاقم الأزمة وضمان وقف إطلاق النار وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية. وفيما يخص سوريا، دعا إلى استغلال رفع العقوبات الأمريكية لصالح الشعب السوري والعمل على مرحلة انتقالية شاملة مع احترام وحدة الدولة السورية والقضاء على الإرهاب بكل أشكاله.
بهذا اختتم الرئيس كلمته بدعوة قادة الدول العربية إلى الالتفاف حول قضايا الأمة والعمل معاً بإرادة صلبة لتحقيق الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة، مؤكداً أهمية البناء على هذا الزخم لمواجهة التحديات وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.