تكشف وثائق دولية وتقارير رسمية، عن اختراق صهيوني ممنهج وخطير لمناهج التعليم في عدد من الدول العربية، يمتد من رياض الأطفال حتى المرحلة الجامعية.
هذه التدخلات، التي تتم بتمويل وتوجيه من منظمات دولية تقف خلفها مؤسسات صهيونية، ليست مجرد عبث بمفردات أو مضامين، بل رقابة محكمة على وعي الأجيال، خصوصًا في مصر.
أخطر ما ورد في هذه التقارير هو التوجه المتعمد نحو إلغاء مادة التربية الوطنية، وتصفية أي إشارات في المناهج إلى القرآن الكريم المتعلقة بالجهاد أو الحديث عن اليهود، واستبدال ذلك بإدراج مفاهيم مثل “الهولوكوست” لتكون جزءًا من سردية التعليم العربي!
بل إن الحديث امتد إلى مناهج الأزهر الشريف، الذي وصفه التقرير ذاته بـ«الشرير»، وادعى أنه تجاوب مع هذه الإملاءات عبر إفراغ مناهجه من أي ذكر لليهود أو الجهاد.
إلا أن التقرير لم يغفل «الفقرة المزعجة» – حسب تعبيره – في منهج الصف الخامس الابتدائي، والتي تشير إلى خيانة اليهود للعهود، مطالبًا بحذفها فورًا.
هذا التغوّل يتم تحت عباءة منظمات كبرى مثل «اليونيسيف»، التي تشترط التمويل مقابل «الامتثال» لملاحظاتهم على المناهج، أما البرامج التي ترفض هذه الإملاءات فمصيرها الإيقاف.
إنه مشروع ممنهج، لا يهدف فقط إلى إعادة صياغة عقل الطفل العربي، بل إلى تفكيك الذاكرة التاريخية والدينية، وتحويل الأجيال القادمة إلى أدوات طيعة، منفصلة عن قضاياها، لا تعرف عدوها، ولا تمتلك مناعة فكرية ولا وطنية.
ويعيد هذا إلى الأذهان ما حدث مؤخرًا أثناء الهجوم الإسرائيلي على إيران، من تسريبات واختراقات تؤكد التغلغل الصهيوني العميق في كل مفاصل الحياة هناك، لا سيما الأمنية والاجتماعية.
ولكن الحديث هنا ليس عن طهران، بل عن القاهرة، عن الأزهر، عن التعليم، عن العقل الجمعي الذي يُعاد تشكيله تحت سمعنا وبصرنا، وربما بموافقة بعض المتصهينين المنتشرين في مؤسساتنا الحيوية.
وقبل أن يفوت الأوان، لا بد من التذكير والتأكيد على حتمية مراجعة شاملة وجذرية للمناهج التعليمية، ولأداء مؤسسات الدولة، ولسياسات «التجديد» التي أصبحت، في كثير من الأحيان، غطاءً ناعما لتصفية الهوية وتجريد الأمة من مناعتها الثقافية والدينية.
نحتاج إلى العودة إلى الجذور، لا إلى اقتلاعها. نحتاج إلى التمكين لا التغريب.
نحتاج إلى وعي وطني حقيقي يتجاوز ردود الفعل العاطفية، إلى مواجهة منهجية مع أدوات الاختراق والتغريب، قبل أن نجد أنفسنا أسرى لرواية صهيونية تُلقّن لأبنائنا في كتبنا، وبأموالنا، وبأيدي من بيننا.
فهل نُفيق؟ أم ننتظر حتى لا يبقى ما يمكن إنقاذه؟