بقلم – كمال عامر
أقول ما أشبه الليلة بالبارحة فى هذا الوقت منن ٤٣ سنة كنا متلاحمين مع حرب قاسية، والآن يجب أن نلتف لنكافح عدم الثقة فى برامجنا الإصلاحية والتشويه المتعمد لسياسات تحاول خدمة هذا الشعب فى المقام الأول لنعود إلى الخلف، ولا نستطيع أن نتقدم قيد أنملة.
تلك المعركة الأخيرة فرضتها الظروف والشواهد والمستقبل الغامض التى كانت تعصف بأحلام الجميع، فكان القرار متفقا عليه لم يصبه الاختلاف.
حيث لم يعد أحد على أرض الكنانة يرغب فى العيش بحلول مؤقتة!!
لم يعد الصغار راضيين عن التعليم ولا الفقراء عن برامج بلدهم الصحية.
التعليم.. الصحة التنمية بشكل عام مطب وطنى ملح ومهم بعد أن ضاق سوق العمل بنا، وبات حالنا صعبا، ووصل التهديد إلى كل الشرائح المجتمعية.
إذ وصل الخوف المشترك على مقدراتنا مثلما كنا ما قبل أكتوبر المجيد.
نحن نعيش الآن لا شك فى ظروف صعبة.. وليس أمامنا مثل فترة أكتوبر إلا الحرب، ولكن ضد الفقر والمرض.
معركتنا الشرسة الآن تدور رحاها على امتداد مصر وليس فى أرض سيناء والسويس فقط. إنها معركة تنموية تلتحم فيها الجهود وتتوحد فيها الأهداف، وتوحيد القيادة أيضًا فى رجل أخذ منا تفويضا بمحاربة الإرهاب، ونفوضه أيضًا فى معركتنا مع التنمية والرخاء ومستقبل بلد عانى كثيرًا.
بمعنى أدق نعانى من عدم توافر الاعتمادات المالية لتنفيذ حزمة الإصلاحات الضرورية.
معركة التنمية آثارها مؤلمة، هى معركة تكسير عظام يجب أن ننتصر فيها، وهى الآن أصبحت بمثابة حرب للحياة بدلًا من الموت.
مطلوب استنساخ روح أكتوبر.. نحن الآن الأحوج إليها لحمايتنا وزيادة تماسكنا.
وقد يظهر بيننا الآن من يقول: كيف نجح الرئيس مبارك فى قيادتها دون ضرائب مميتة؟
الإجابة هناك أن الحلم مختلف، والرؤية مختلفة والطموح أيضًا، وأن هناك لاعبين دوليين جددا دخلوا على الخط لتعطيل العمل والتطوير، وهو ما ضاعف من الثمن المطلوب للتطوير.
دول عديدة وحكومات وأشخاص منزعجة من خطط تطوير مصر خوفًا من تعاظم القوة المصرية، ما قد يدفعها إلى تهديد دول أو مجموعات كما حدث فى مراحلة تاريخية مشهودة.
مصر مؤمنة الآن بأن أى خطوة منها نحو بناء وتحقيق الحلم المصرى فى دولة قوية تجد معارضة علنية من أمريكا وإسرائيل ودوائر أوروبية وحتى عربية!! لكن السؤال: هل المطلوب استمرار العمل فى خطط بناء البلد؟
أعتقد أنها – الآن – الطريق الوحيد لاحترام العالم لنا.
إيران حاصروها وصادروها وصادروا دولاراتها، ولكن عندما استشعر مجلس إدارة العالم بأنها أصبحت قوية.. تراجع وفلك الحصار عنها.. نموذج جديد.
العالم لا يحترم إلا الأقوياء لم تعد للشعوب المسالمة مكانة.
وأعتقد أن خطوات الإصلاح الاقتصادى مطلوبة وملحة بل وحتمية، برغم أن هناك رؤية غائبة فى عدد من الخطوات، لكن هذا لا يمنع أن أحدا منا يرفض ما يحدث من ثورة وتنمية حقيقية يحتاج المواطن أن يراها، وعليه أن يذهب بنفسه حيث لم تعد الحكومات تنظم الرحلات للناس ليشاهدوا ما يحدث وإقامة السرادقات وعزف المزيكا وهو سيناريو لم يعد يليق بما نعيشه.
الواضح أن هناك تصميما الآن لمعالجة عملية عدم الثقة، ولا إعلان عن المشروعات إلا بعد أن تدخل فى مرحلة مهمة من العمل أو عندما تنتهى، وهو سلوك جديد.
استلهام روح أكتوبر أمر يساعد فى عملية تحملنا لآثار قرارات التنمية المؤلمة من ارتفاع ملحوظ للأسعار، وما ترتب عليه من آثار.
من المهم أن تعلم الحكومة بأن المصريين يدركون الأخطار التى تحيط بالبلد من الداخل أو الخارج، وأنهم سيتحملون، لكن أيضًا على حكومة م. شريف إسماعيل أن تعلم بأن هذا الانسجام يتعرض للخطر فيما لو استمر منتهجا عملية التعتيم والقرارات المفاجئة والمؤلمة، وتصريحات حرق الأسر التى يتسابق إليها الوزراء والمسئولون بشأن الأسعار والدولار.
بالطبع فى كل الفترات الزمنية والسياسية مجموعات رابحة، تجار سيارات -تجار أراض- سماسرة السلع وغيرهم، وإذا كان كل من تلتقى يشعرك بأن بيته خرب وعياله شردت، وهذه النغمة لرجال الأعمال أو المواطن العادى.
وهى صادقة، لكن شريحة منها أيضًا كانت تتوقع تحقيق رقم من الأرباح، وعندمنا تحقق نسبة منه، هى تشيع أن خسائرها هو الجزء المتبقى الذى لم يتحقق.
على وزراء حكومة بلدنا البحث عن وسطاء بينهم والشعب، ليس من العدل أن يتحمل الرئيس السيسى سلوكا حكوميا منفلتا، وخاصة بشأن تجاهل توفير المعلومات الصحيحة للمواطن، وتجاهل شكواه بشأن ضبابية الفترة الزمنية المؤلمة التى يتحمل المواطن آثارها، وخصوصًا من ارتفاع فى الأسعار.
جذب الشعب لقرارات الحكومة أمر تسويقى لن يحدث بسهولة.
حب المصريين للرئيس نابع من مصداقيته ودوره الفاعل فى حماية المجتمع ضد الأخطار الداخلية علاوة على الخارجية منها.
وغضب المصريين من الوزراء ليس له أدنى علاقة بدور الرئيس، وكل القوى التى ساندته لتأدية دوره المطلوب.
وبالتالى على الوزراء إدراك حقيقة ضرورة بذل مجهود فى عملية شرح ما يحدث للناس إذا ما كانوا فى حاجة للتأييد.
أعرف أن كل مسئول يعيش فترة رعب من الأجهزة الرقابية ورعب وخوف فيما لو أن هناك من يتربص به لسقوطه، لكن كل هذه الأمور لا تعنى أن أعيش بدون معرفة.. إلى أى مدى سنعانى وما المدة الزمنية؟.