بقلم – عمرو حسين:
أزمات كثيرة ومعيشة صعبة ونحن الأساس، فكرت كثيرا لماذا نجح السوريون عندما هجروا أوطانهم وأصبحوا يمتلكون كثيرا من قصص النجاح؟، هل هى الأزمة التى صنعت ذلك أم هى طبيعتهم وثقافتهم ولماذا طالت الحرب عندهم أكثر من أى شعب آخر فى وطن آخر لا يبعد عنهم كثيرا وفى نفس منطقة الأحداث؟.
إننى لا أميل لأن أعرض رأيا فى أنظمة الحكم عندهم ولا عندنا ولكننى متيقن الآن أنه خلال العقود السابقة هناك من علم ذلك الشعب كيف يعتمد على نفسه وأن يصنع ويزرع لكى يحصد كيف ترابط لكى لا ينهار.. كيف وقف فى الأزمة ليصنع النجاح.. ما يجعلنى أبكى على شعب أنتمى له يسوده الكسل واللامبالاة ولا يبالى بمن حوله ويكثر من اللوم أكثر من الاعتماد على النفس. إننى أرى بوضوح أن من يسمون بالأعداء وخططوا لتدمير منطقتنا قد درسونا جيدا وتيقنوا من أن كثيرا من بلداننا دمرت ثقافيا بواسطة أهلها وأنهم أسهل من أن يبذلوا معهم المجهود وأن هناك شعبا ينعم بالترابط والثقافة ولم يترك ما علمه أجداده من الاعتماد على النفس والإخلاص فى العمل وهذا ما يجب أن يبذل معه كل الجهد لإيقاعه وتدميره.
أين نحن من إدارة أزماتنا ومن تخليص جسد هذا الوطن مما فاته، أين نحن من استحضار روح الأجداد فى الاعتماد على النفس، أين المرأة المنتجة لما يحتاجه المنزل، أين الطيور التى كنا نجدها فى منازلنا أين المزارع الذى كان يحصد فيشبع أين وأين وأين؟!.
أعتقد أنه آن الأوان للرجوع لتلك الفترة الذهبية لنجد أن كل بيت ينتج شيئا ويبادله مع الآخر فلا نجوع ولا نبالى بما وصلت إليه الأسعار. نعاير حكومتنا بأنها تحتاج إلى معونات والبعض يتلاسنون بأنها تمد يدها للخارج وكلنا هذا الشخص، فمن لا ينتج قوت يومه يمد يده للخارج والخارج هنا هو خارج نطاق سيطرته، فأنت لا تسيطر على الأسعار ولا تسيطر على الاحتكار لأنك لا تستطيع أن تعتمد على نفسك كمنزل صغير فما بال الوطن الكبير الذى هو عبارة عن مجموعة كبيرة من المنازل الصغيرة؟. تحية لمن ربى شعبه على أن يكون عريقا حتى فى أصعب الأوقات.. فلنحول الأزمة إلى انتصار وهو من أسهل ما يكون فهل ننتظر أن ترغمنا الأسعار وصعوبة الحياة أم نبادر لننتشل أنفسنا من جوع وخراب؟، ولنعلم أولادنا كيف يمكن أن نعتمد على أنفسنا لكى لا نكرر ما فعله البعض فينا، وكما نتباهى بالأجداد نضرب المثل للأحفاد لكى نورثهم ما هو ثمين والثمين هنا كيفية الاصطياد وليس كيفية الاستهلاك.
يحكى أن رجلا كان يصنع قماشا للمراكب الشراعية.. يقعد طوال السنة يعمل فى القماش وبعدين يبيعه للمراكبية، وفى سنة راح يبيع إنتاج السنة من القماش للمراكبية ولكن وجد واحدا سبقه وباع قماش للمراكبية. طبعا الصدمة كبيرة.. خلاص اتخرب بيته رأس مال كله زى البيت الوقف.. حط القماش قدامه وقعد يفكر.. وطبعا كان منبعا للسخرية من المراكبية، فواحد قاله «اعملهم بناطيل والبسهم».. فكر الراجل وفعلا عمل القماش بناطيل للمراكبية وباعها بهامش ربح بسيط وقعد ينادى: «حد عايز بناطيل قماشتها قوية تستحمل طبيعة شغلكم» المهم الناس عجبتها البناطيل واشترتها ووعدهم السنة الجاية يجيب لهم بناطيل تانية.. بدأ يعدل ويضيف فى البناطيل يزود جيوب عشان العمال بيحتاجوا جيوب كتير، ويعمل له وسط وراح للمراكبية بالبناطيل واشتروهاوبكده حول الأزمة لنجاح ساحق.