الجدل الذي أثاره قرار جهاز حماية المستهلك بإحالة رئيس ومسئولي الاتحاد الأفريقي لكرة القدم للنيابة العامة خفت وبسرعة غريبة والانقسام الذي حدث حول الاتحاد الافريقي أو الكاف والحصانة التي يتمتع بها رئيسه أو مقره تجعله بعيدًا عن الرقابة القضائية المصرية جدل يدل على أن هناك شيئًا ما يدور لغلق هذا الملف.
ففي البداية يجب أن نؤكد أن قرار جهاز حماية المستهلك المصري وفق قانونه سليم، والأمر الثاني أن الملابسات التي تمت بمد عقد احتكار البطولات الافريقية لشركة محددة وعدم طرح الأمر للمنافسة بين الشركات نوع من أنواع الفساد أو على الأقل به شبه فساد.
أما الأمر الثالث أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ألغت جميع الحصانات الدبلوماسية والسياسية عن أي شخص يرتكب جريمة فساد وهذا طبقًا لنص المادة ١٦ والتي تحمل عنوان رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية.
وتنص في فقرتها الأولى على: «تعتمد كل دولة طرف، ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم القيام عمدًا، بوعد موظف عمومي أجنبي أو موظف مؤسسة دولية عمومية بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية، من أجل الحصول على منفعة تجارية أو أي مزية غير مستحقة أخرى أو الاحتفاظ بها فيما يتعلق بتصريف الأعمال التجارية الدولية».
أما الفقرة الثانية فتنص على: «تنظر كل دولة طرف فى اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم قيام موظف عمومي أجنبي أو موظف فى مؤسسة دولية عمومية عمدًا، بشكل مباشر أو غير مباشر، بالتماس أو قبول مزية غير مستحقة، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية».
وما قام به السيد عيسي حياتو أنه منح ميزة للشركة الفرنسية دون اتباع إجراءات القانون التي تنص عليها القوانين المحلية في مصر والقوانين التي أقرها الاتحاد الافريقي وكل دول العالم بأن يتم طرح الأمر إلى مزايدة علنية وهي الإجراءات التي نصت على اتباعها الاتفاقية ذاتها في فصلها الأول.
وبصدور هذه الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ وتصديق 141 دولة عليها حتى الآن تكون قانونًا ملزمًا لكل الدول حتى دولة الشركة التي احتكرت بث المباريات ووفقًا للتعاون القضائي من حق مصر أن تطلب من فرنسا التحقيق مع هذه الشركة لأن العقود الموقعة مع الاتحاد الأفريقي بها شبه فساد.
والغريب أن المدافعين عن الاتحاد الأفريقي نسوا أمرًا مهمًا أن سويسرا عندما ألقت القبض على عدد من قيادات الاتحاد الدولي لكرة القدم كان قرار ضبطهم وإحضارهم قرارًا أمريكيًا ووقتها لم يخرج علينا «بلاتر» أو غيره بقوله إنهم يتمتعون بحصانات دبلوماسية وإن لائحة الفيفا تمنع القبض عليهم ولم يهدد أحد بسحب مقر الاتحاد الدولي من سويسرا رغم أن البوليس المحلي نفذ أمرًا أمريكيًا.
فقد أسقطت اتفاقية مكافحة الفساد الحصانات مهما كانت درجتها طالما حام حول صاحب الحصانة شبهة فساد وأسقطت الاتفاقية كل اللوائح والاتفاقيات التي تحمي أي شخص يرتكب جريمة فساد من الملاحقة حتي وإن كان الأمين العام للأمم المتحدة.
يجب دعم جهاز حماية المستهلك بأن تقوم النيابة المصرية بالتحقيق في البلاغ والحصول على العقود المبرمة بين الاتحاد الأفريقي والشركة الفرنسية فورًا وبدون إبطاء حتى لا تضيع حقوق شعوب القارة الأفريقية.