بقلم – محمود بسيوني:
مصر عادت.. توقف كثيرا عند هذه الجملة فهى أهم مكسب حققناه فى بطولة الأمم الإفريقية ..الجملة المفتاح لاستعادتنا ثقتنا بنفسنا ولقدرتنا على مواجهة تحدى البطولات الرياضية الدولية ..لقد كنا قاب قوسين أو أدنى من البطولة الإفريقية الكبرى، ولكن الرياضة فيها المكسب وفيها الخسارة ..وهى أمور نسبية لا تعتمد فقط على الظروف الملائمة والاستعداد الجيد، ولكن يتدخل فيها الحظ الذى قد يغطى على عيوب أخرى فى حالة الفوز، وكثيرا ما وصلت فرق كبيرة للنهائيات الكبرى وكانت تستحق ولكن القدر كان له رأى أخر .
المنتخب المصرى تمكن من إدخال البهجة والفرحة لقلوب المصريين عبر 6 مبارايات قدم فيها “نموذجا” للتحدى والمثابرة وحب الوطن، ورغم كل ما يحيط بكرة القدم من أزمات إلا أن الحضرى ومحمد صلاح ورفاقه كانوا على قدر المسئولية وأعطوا للمصريين الأمل فى استعادة مكانه مصر الرياضية التى غابت فى سنوات الفوضى .
عادت مصر لمقعدها وسط الكبار فى العالم، وحظيت بتقدير واحترام كل المنتخبات التى قابلتها خلال مشوارها فى البطولة ورفعت تصنيفها العالمى، لقد شارك المنتخب وهوفى المركز الـ35 عالميًا والثالث أفريقيًا، واستطاع الفراعنة التقدم 11 مركزًا في تصنيف فيفا المقبل، بعد أن حقق 3 انتصارات في بطولة “كان” على أوغندا، وغانا والمغرب والتعادل مع مالي وبوركينا فاسو.
ووصل المنتخب الوطني للنقطة 856 نقطة، في تصنيف فيفا ليحتل المركز الـ24 عالميًا والأول أفريقيًا وعربيًا..بهذه النتيجة أرسلت مصر إنذارا للجميع بأنها مصره على الوصول إلى كأس العالم .
إلا أن هناك من لا يريد لمصر أن تعود ..نعم هناك من قرر التخلص من مشاعره الوطنية الخالصة لصالح موقف وهوى سياسى غبي لا ينتصر لأى قيم ويؤكد أن هناك خطأ ما فى التركيبة النفسية لهؤلاء الأشخاص الذين قرروا التعبير عن شماتتهم فى هزيمة منتخب بلادهم.. مشهد لم تعرفه مصر فى تاريخها إلا بظهور تلك الجماعة الإرهابية واتباعها، فهولاء من بدعوا المجاهرة بالخيانة والعمالة الرسمية لدول أخرى ..يتمسحون فى اسم مصر زورا بينما يسعون لإسقاطها ويفرحون بإذلال أهلها .
لا يتركن فرحا أو إنجازا إلا وحاولوا تشويهه ومهاجمته ..رغبتهم فى الانتقام من الشعب الذى أسقطهم سقطة عارمة ..لم يتورعوا عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى بإعلان كفرهم بالوطن ..وهو أمر قد يبدوا للبعض غريبا إلا أنه تعبير حقيقى يجسد صميم عقيدتهم النجسة التى لاتعترف بالأوطان وتعلى من شأن جماعتهم على حساب الروح المصرية المعتزه بنفسها وبتاريخها المهيب .
أن شماتتهم وفرحهم بهزيمة منتخبنا الوطنى دليل مهم على صدق حدس المصريين حينما قرروا شطبهم من حياتنا ليعيشوا باقى حياتهم مطاردين مكروهين موصوميين بالإرهاب والتدمير والخراب وعبادة الفوضى، وأن الوطن باقى وفرحة الشعب ممتدة وهم إلى زوال لايجروا سوى الحسرة والندم والألم .
لقد كان مشهد العلم فى أيدى المصريين مهيبا..كبار وصغار ..على السيارات والمبانى والبيوت الصغيرة فى الريف والصعيد ..روح الالتفاف حول الوطن اشعرت كل من يتآمر على هذا البلد بالحزن ..لقد انفقت مبالغ طائلة من أجل قتل هذه الروح فى المصريين حتى يسهل تقسيم هذا البلد والتحكم فيه ثم الاستيلاء على ثرواته ووقف أى تحرك وطنى لوضعه فى مكانه اللائق .
لم يكن المنتخب هو المستهدف من حملة الشماتة الإخوانية ..لقد كان الوطن وقيادته وإمكانياته ..لقد قرر هؤلاء قتل أى أمل لدى المصريين وتدمير أى جهد يسعد المصريين ويشعرهم بعظمتهم ويستعيد لهم كبريائهم، وإقحام الرياضة فى ساحة السياسة الغريبة عليها..فالرياضة تمثل جميع المصريين وليس فصيلا منهم ..فهى الموحدة لكل المختلفين ..ولكنهم يبحثون عن التدمير الشامل لكل ثوابتنا الوطنية .
لذلك كان من المهم والضرورى أن يشعر أبطال المنتخب بالتقدير الواجب لمجهودهم الكبير فى استعاده مكانة مصر الكروية، ومن هنا جاء استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى وقيادات الدولة للأبطال فى لحظة وصولهم أرض الوطن، فهى رسالة “وحدة” بين الشعب وقيادته ومنتخبه الوطنى تتساوى فيها لحظات الفرح مع لحظات عدم التوفيق ، تؤكد ان الدولة عازمة على دعم المنتخب الوطنى فى معاركه القادمة من أجل الوصول الى كأس العالم .
وحده المصريين هى الهدف والغاية.. وهى وسيلتنا للعبور من كل المِحن والصعاب ..وأنا كلى إيمان بقدرتنا على الانتصار..ولا عزاء للخونه .