انتفضت مصر فجأة على أحداث العريش مثل صاحبنا اللى أخد ٦٠ قفا سهوا، ما حدث فى العريش لم يكن جديدا ولم يكن الأول ولن يكون الأخير بفضل نظام عايش على الفهلوة واللعب مع السلف والإخوان وتوابعهم.
المادة ٦٣ من الدستور تقول : «يحظر التهجير التعسفى للمواطنين بجميع صوره وأشكاله «ورغم ذلك يتم تهجير المسيحيين من شمال سيناء تحت سمع وبصر الجميع الذى ينفى مسئوليته حتى وصل العدد إلى أكثر من ١٥٠ أسرة حتى كتابة هذه السطور، أما القتل والذبح والحرق فتلك مأساة أخرى.
وتتدفق الأنباء بشكل مستمر عن وقوع اعتداءات وقتل وحرق لمنازل الأقباط فى العريش، «ويتلقى الأقباط تهديدات مباشرة باستهدافهم وأسرهم حال البقاء فى المدينة، ومكتوب كلمات مثل «ارحل» على كل منازلهم، بينما الأوضاع الأمنية تزداد سوءا فى العريش، خاصة بالنسبة للأقباط.» هكذا وصفت مراسلة bbc الحالة هناك.
روت نبيلة فوزى حنا، سيدة قبطية، شاهدت عملية اغتيال زوجها ونجلها بنفسها، موضحة أنه فى يوم الثلاثاء العاشرة والنصف مساء، أتى إليهم شخصان ملثمان ولديهما سلاح.
وقالت «حنا»، خلال حوارها ببرنامج العاشرة مساءً، الذى يقدمه الإعلامى وائل الإبراشى، إنهم قتلوا نجلها عندما فتح لهم الباب، ثم قتلوا زوجها، مشيرة إلى أنهم سرقوا منها «دبلة دهب»، وسرقوا من المنزل أسطوانتي غاز وبوتاجاز وأوانى طهي، وأخرجوها من المنزل وأحرقوه وفحموا الجثتين.
وذكرت أنهم سألوها عن اسمي زوجها ونجلها، لافتة إلى أنهم كان لديهم ورقة بأسماء الأربعين مسيحيا الذين يعيشون فى المنطقة.
وفى الواقعة الأخيرة ضمن هذه الحوادث، قتل مسلحون قبطيا «رقم ٧» داخل منزله فى مدينة العريش. وذكرت مصادر أمنية وطبية أن المسلحين أطلقوا النار على الرجل أمام أسرته، التى فرت من المنزل تباعا، ثم أحرق المسلحون المنزل واختفوا.
ودعا «داعش» أو ما يُعرف بـ«تنظيم الدولة الإسلامية مصر» الأسبوع الماضى عناصره إلى قتل من أسماهم بـ «الصليبيين فى مصر».
ونشر التنظيم تسجيلا مصورا هدد فيه أقباط مصر، وعرض ما وصفه بأنه الرسالة الأخيرة لمنفذ الهجوم على الكنيسة البطرسية بالقاهرة، الذى وقع فى ديسمبر الماضي، وأودى بحياة ٢٩ شخصا.
وظهر فى التسجيل المصور رجل ملثم يقول التنظيم إنه منفذ الهجوم واسمه أبو عبدالله المصري، وهو يحض المسلمين الموالين للتنظيم فى مختلف أنحاء العالم على «تحرير الإسلاميين المعتقلين فى مصر» وهدد المصرى فى حديثه بالقيام بعمليات مسلحة لإطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين الذين وصفهم بقوله «إخوانى الأسرى»، مضيفا «قريبا سنحرر القاهرة ونأتى لفكاك أسراكم ونأتى بالمفخخات».
المأساة لم تقتصر على الأقباط بل طالت أيضا المسلمين وفى رسالة نشرتها الأستاذة سلوى محسن على الهواء، تقول زوجة عطية شحاتة عطية ضابط المشاة الذى استشهد فى تفجير كمين المطافئ غرب العريش الشهر الماضى:
«بقى كده يا وطن ياللى جوزى بيقول عليك عزيز تاخده غدر وسبتنى أتلطم؟ ودلوقتى أخرج من بيتى بالجلابية اللى عليّا؟ فين الجيش اللى جوزى سابنى أربى العيال وحدى عشان يخدم فيه عمره كله؟»
«أنا فجأة لقيت نفسى زى السوريين، باجرى بهدومى عشان أهرب من الموت. أنا عندى بنتين؛ الكبيرة نرمين عندها ٩ سنين».
وتتواصل الأحداث حيث قامت عناصر تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» بعمليات ترويع الآمنين فى محافظة شمال سيناء، حيث قتلت الأحد الماضى شابًا بدويًا من مدينة رفح، بعد أن اقتلعت عينيه وأمطرته بوابل من الرصاص قبل أن تحرق جثمانه أمام أهالى قرية الحسينات.
ويأتى الحادث بعد ساعات من واقعة مماثلة راح ضحيتها «أحمد عياد – ٤٠ سنة»، والذى قتلته العناصر التكفيرية أمام الأهالى عقب اختطافه من سوق مدينة رفح، وذلك بدعوى تعاونه مع أجهزة الأمن.
ولأن شر البلية هو ما يضحك طلع علينا الأزهر الشريف الوسطى المعتدل المنارة يعلن إدانته لما يمارسه تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» فى حق أقباط الوطن هذا الأزهر ذاته الذى أعلن شيخه أن «داعش» أهل القبلة وهو ذاته الذى يدرس طلبته تكفير غير المسلمين واستحلال مالهم ونسائهم.
والأنكت هو ما صدر عن أهل الدعوة السلفية من إدانة وهم الذين يدعون بالهلاك على الأقباط ويحرمون تهنئتهم ومشاركتهم أعيادهم أو أفراحهم أو أحزانهم بل يكفرون من يفعل ذلك.
ومن الآخر طلع علينا خالد سعيد المتحدث الرسمى باسم من تدعى الجبهة السلفية بتصريح جامع مانع قائلا: الدخول فى حرب ضد «داعش» خيانة لله ورسوله.
أما الإخوانجية الذين يدعون الإدانة فلا ننسى أنهم كانوا أصحاب فضل على أبنائهم الدواعش عندما أفرج الأهطل محمد مرسى بعفو رئاسى عن كل الإرهابيين الدواعش فى مايو ٢٠١٣.
من زاوية أخرى يرى د.أشرف الصباغ الحل ويقول: «لو عايز تجفف المنابع، شوف مين الشركاء فى الأنفاق، ومين اللى بيورَّد البضاعة، وعربيات مين اللى بتنقلها، ومين اللى بيسمح، وكان بيسمح بحركة العربيات والبضاعة، ومين اللى كان بيحفر من الجانب المصري».
عايز تعملها على طريقة «جروزني» فى الشيشان؟ طب اسأل اتعملت إزاى عشان متلخبطوش الدنيا وتحطوا أبو قرش على أبو قرشين وتبهدلوا الناس وتولعوا الدنيا.. اسأل إزاى «جروزني» اتعملت، وإزاى الناس خدوا ضمانات، بل وساعدوا فى عمليات التنقل المؤقت وكانوا مبسوطين إنهم هايرجعوا لأماكن إقامتهم بعد مسح الإرهاب والإرهابيين، وفعلا رجعوا لأراضيهم وبيوتهم مكرمين معززين».
والآن يفرض السؤال نفسه: هل أصبح إرهاب شمال سيناء قدرًا لا سبيل للفكاك منه.. وبالتحديد مثلث الرعب «رفح، الشيخ زويد العريش».. وكيف يمكن للقوات المسلحة أن تدير عملياتها ضد الإرهابيين دون التعرض للمدنيين الأبرياء.
الحل جاء فى رسالة د. أشرف الصباغ «مثال جروزنى فى الشيشان».. وهو إخلاء مثلث الرعب.. وجعلها أرضا مكشوفة.. فقد أصبح الوضع حربا حقيقية ضد الدولة.. وهى لا تقل عن حروب الماضى ضد إسرائيل مع الفرق أن العدو يأتى من الداخل.
السؤال سبق أن طرحناه منذ سنتين: هل من الصعب انتقال مؤقت لأهالى وسكان مثلث الرعب إلى حين القضاء نهائيا على هؤلاء الإرهابيين؟.
خريطة مثلث الرعب تقول إن العريش.. هى عاصمة وأكبر مدن محافظة شمال سيناء «عدد سكانها ١١٤.٩٠٠ نسمة»، وأكبر مدينة على شبه جزيرة سيناء، تطل على ساحل البحر المتوسط، على بعد ٣٣٤ كم من القاهرة.
رفـــح.. هى البوابة الشرقية لمصر.
يقع مركز رفــح على الحـدود الشــــماليـة الشرقية لجـــمهورية مصر العربيه بطــول ٥٥ كم تقريبا.
الشيخ زويد هى مركز ومدينة فى محافظة شمال سيناء، وتقع بالقرب من الحدود مع قطاع غزة بين مدينة العريش ورفح على بعد ٣٣٤ كم من القاهرة.
بعد حرب ١٩٦٧، احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء وأسست مستوطنة ياميت شمال الشيخ زويد مباشرة، وكانت أكبر مستوطنة إسرائيلية فى سيناء.
يبلغ سكان مدينة الشيخ زويد ٥١ ألفًا و٥٢٧ نسمة وفقا لآخر إحصائية تم إعدادها عام ٢٠١٠.
باختصار يصل عدد سكان مثلث الرعب نحو ٢٤٥ ألف نسمة.. ونعيد السؤال: هل من الصعب انتقال حوالى أقل من ربع مليون مواطن بشكل مؤقت حتى تنتهى الحرب مع الإرهابيين؟.
لقد فعلتها مصر أكثر من مرة مع مدن القناة «بورسعيد، الإسماعيلية، السويس».
أولى عمليات إخلاء مدن القناة جاءت أثناء المقاومة الشعبية ضد العدوان الثلاثى عام ٥٦ وقتها كانت تقصف مدن السويس وبورسعيد من الجو والبحر، ومن ثم وضعت خطة لتهجير الشيوخ والنساء والأطفال، وظل الشباب والرجال للدفاع عن بورسعيد، إلى أن انتهت هذه المرحلة بعودة السكان لمدنهم فى مارس ١٩٥٧ ثم جاءت نكسة ٦٧ لتشهد أكبر عملية تهجير فى مدن القناة، قدر وقتها عدد المهجرين فى الفترة من يونيو ١٩٦٧ إلى عودة السكان عام ١٩٧٣ بنحو مليون مواطن.. نعم مليون مواطن دفعوا ٧ سنوات من الغربة عن أرض مولدهم.. وتحملوا فى سبيل الوطن الكثير من الصعاب حتى لحظة الانتصار.
يذكر أن التحريك فى بادئ الأمر كان اختياريًا، حتى أصدرت القيادة فى مصر قرارًا بتحريك أهالى القناة، ولكن باستثناء نسبة بسيطة أطلق عليهم لقب «المستبقون» بهدف مشاركة الجيش التضحيات والمقاومة.. وتم توزيع السكان على ١٤ محافظة فى مصر.
ويظل السؤال مطروحا: هل نخلى مثلث الرعب وننهى الحرب مع الإرهاب.. ونبدأ تنمية شمال سيناء.. حتى لا يعود إليها أحفاد حسن البنا مرة أخرى؟… أم ننتظر مزيدا من نزيف الدم المصرى.
الاجابة تستدعى أيضا معرفة من يرعى الإرهاب ومن يحميه ؟!!