بقلم – علي السمان:
فى آخر شهر فبراير هاجرت حوالى مائة عائلة مسيحية من العريش يحملون عفشهم تاركين بيوتهم وراء ظهرهم ووظائفهم فى طريقهم إلى الإسماعيلية ونحن نعلم أنه لا مكان لنا فى أن نعيش فى شمال سيناء وإن بقينا سيقتل أزواجنا وأبناؤنا.
كما أن أحد أفرع «الدولة الإسلامية» أذاع فى فيديو دعائى فى آخر شهر فبراير أنهم سينتقمون من غير المسلمين وتم تنفيذ هذا التهديد وتم قتل سبعة مسيحيين على يد مجموعه إرهابية فى مدينة العريش وحدها.
وفى مأساة أخرى طرق رجلان على باب منزل وبعد أن دخلاه سألا سيدة عما إذا كان أهل البيت مسيحيين وحينما أجابوا بـ«نعم» بحثوا عن الزوج وأطلقوا على رأسه رصاصة ثم بحثوا عن الابن وأفرغوا أنبوبة بوتاجاز على جسده وأشعلوا فيه النار، ثم استولوا على ما معهم من مال قبل أن يحرقوا البيت بكامله، كيف يمكن أن نقيم هذه القسوة الإنسانية التى لا تقارن بقسوتها وجسارتها.
من يقبل ومن يحتمل هذه الجرائم البشعة، من يقبل أيضا على مستوى القانون والجزاء والعقاب أن يُترك مجرمون متطرفون ينفردون بإخوة أقباط بجبن شديد فيقتلونهم ويحرقونهم بلا رقيب ولا حسيب.
أقولها بصراحة أشعر بنوع من العار والمسئولية وأنا أرى إخوتى من الأقباط يعانون بالإهانة والمهانة مما يوقعه بهم المتطرفون والإرهابيون تحت اسم داعش وغيرهم وهم يحملون ظلما وبهتافات باسم الإسلام والإسلام منهم براء.
ولنعلم أن ٣٠٠ شخص ومعظمهم مسيحيون قد تركوا مدينه العريش تحت تهديد داعش والمعروف أن الموقف فى سيناء هو أسوأ ما عرفته مصر فى السنين الأخيرة، والمعروف أن الفرع المصرى لداعش هو حاليا أقوى الفروع خارج العراق وسوريا.
وقد قام الجيش المصرى بدوره بطلعات لـ«F.١٦» وحاول الاستيلاء على مدينه الشيخ زويد بعد معارك امتدت لثماني ساعات ورسميا قتل ١٠٠ جهادى و ٧٠ مدنيا و ١٠ عسكريا.
وقد صرح المسئول الإدارى عن الكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية بأنهم هربوا مع أولادهم وأن الموقف بالغ الصعوبة وأن عائلات بأكملها تجمعت داخل الكنيسة مع ممتلكاتهم الشخصية.
والشيء المؤلم أنك ترى الخوف فى نظراتهم والحزن والألم على وجوههم جميعا وصرح أحد رجال الكنيسة بأننا أصبحنا نخاف من ظلنا، وأصبحنا نخشى من رصاصة تصيبنا من الظهر.. إن المسيحيين هنا أصبحوا مستهدفين بطريقة مرعبة.
والبعض هنا يخاف من مجرد الخروج من أبواب بيوتهم لمجرد شراء احتياجاتهم، ولقد سيطر الخوف على الجميع حتى إن زوجة وأما لخمسة أطفال اعترفت بأن زوجها قد توقف عن العمل وقالت الأم ذلك وهى تنهار من البكاء.
وقد نشر أقباط سيناء بيانا ووقع عليه البابا تواضروس يدين فيه الهجمات الإرهابية التى تستهدف المسيحيين المصريين فى سيناء وقد تجرأت جماعة إسلامية أن تعلن فى بيان لها عن طريق الفيديو أنها تعد بأن تستهدف جماعات مسيحية.
وتعتقد بعض الجماعات المسيحية أنها تعانى من الاضطهاد أحيانا من الجهات الإدارية وأحيانا من الأغلبية المسلمة.
وفى يوم الأربعاء وجدت جثة طفل مسيحى محروقة خلف مدرسة فى العريش، من الذى يستطيع أن يحتمل متابعة ورؤية هذه المناظر المفزعة التى تتنافى مع أى تحفظ إنسانى.
ولا أدرى كيف يقبل إنسان مسلم مسئولية أن يقتل ويغتال إنسانا مسيحيا ما لسبب، إلا لأنه ينتمى إلى دين آخر.
وحينما يختار التطرف الغبى أن يظهر أمام العالم بصوره تمثل القسوة التى لا ترحم وتسيل الدماء على مشهد من أبناء وأطفال.
وهنا نود وقفة من جانب القانون والعقاب تجاه المسئولين عن جرائم القتل والاغتيال، ولا يجب هنا أى تساهل مع هؤلاء وللأبد من إعطاء الجزاء الذى يمثل أمام الجميع نموذجا من العقاب يصلح ليكون ردعا فى نفوس من لا ترحم قلوبهم.