بقلم – ايمن سلامة
فى هذا الرصد التاريخى ـ شبه اليومى ـ توقفنا فى المقال السابق عند التقرير الذى رفعه اللواء مراد موافى لرئيس الجمهورية، والذى يؤكد فيه أن عملية نوعية ضد قواتنا المسلحة، ربما تحدث فى سيناء خلال ساعات، ولم يبلغ مرسي المشير طنطاوى بهذا التقرير، وفى مساء الخامس من أغسطس ٢٠١٢ ـ أى بعد ثلاثة أيام فقط من تأدية حكومة هشام قنديل الأولى لليمين القانونية ـ تسللت عناصر فلسطينية تنتمى إلى حماس وتحركت بسيارات دفع رباعى باتجاه الكمين الأمنى المصرى المرابط على بعد كيلومترين من معبر كرم أبوسالم على الحدود مع إسرائيل، وكان هؤلاء الأوغاد يرتدون الملابس العسكرية المصرية، ويصل عددهم إلى خمسة وثلاثين فردًا بينهم مجموعة من العناصر التكفيرية الموجودة فى منطقة جبل الحلال من الذين تلقى بعضهم تدريباته العسكرية فى غزة، وعند أذان مغرب ذلك اليوم الرمضانى المشهود، انقض هؤلاء على جنودنا الذين كانوا يهمون بتناول التمر كسنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتوجهون بالدعاء لله عز وجل، كى يتقبل صيامهم ولكنهم فوجئوا برصاص الغدر يخترق صدورهم ورؤوسهم، فاستشهد منهم ستة عشر جنديًا وضابطًا وجرح سبعة آخرون، ثم استولت هذه العناصر على مدرعتين مصريتين وتحركوا بهما نحو الحدود الإسرائيلية، بغية أن يفتحوا النيران على الجنود الإسرائيليين، فتحدث أزمة كبرى بين البلدين، فإما أن ترد إسرائيل على قتل جنودها بإلغاء معاهدة السلام، مما يعني دخولنا فى حالة حرب، وهذا يتطلب وحدة الصف الداخلى ونسيان الوعود التى قطعها مرسي على نفسه ـ فلا صوت يعلو على صوت المعركة ـ وهذا سيضمن بقاء الإخوان فى الحكم لسنوات طويلة، وإما أن تكتفى إسرائيل بتصعيد الأمر دوليًا لتؤكد للعالم أن سيناء قد خرجت عن السيطرة المصرية، ويجب تدويلها وهذا بالطبع سيعيد فتح الملف الذى أغلق فى عهد مبارك، حين رفض عرضًا أمريكيًا إسرائيليًا بموافقة حماس على إنشاء دولة فلسطينية على أرض سيناء، أما الافتراض الأخير من هذه العملية النوعية، فهو إثبات أن الجيش المصرى قد انقسم على نفسه، وأن أفرادًا منه يتحركون دون أوامر قيادية، وهذا سيعطى الحق لمرسى فى فعل ما يشاء لا سيما أنه يشعر بأن الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس العسكرى قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، قد كبل يده فى كثير من الأمور، ولكن قبل أن تصل هذه العملية العسكرية إلى غايتها بادرت القوات الإسرائيلية بفتح نيرانها باتجاه المدرعة المصرية التى اقتحمت الحدود، بينما تعطلت المدرعة الثانية قبل أن تصل إلى الأراضى الإسرائيلية، ونجحت القوات الإسرائيلية فى قتل ثمانية أفراد من هؤلاء الإرهابيين، وإصابة بعضهم، فى حين نجح البعض الآخر فى الهروب، ووصل الخبر إلى القاهرة، وعلى الفور اتصل مرسى بالمشير طنطاوى وسأله عن الأمر وأثناء المكالمة أشعره مرسى بأن تقصيرًا ما قد حدث من جانب الجيش، ولكن مكالمة بين اللواء موافى والمشير طنطاوى فضحت الأمر، فرئيس المخابرات أكد للمشير أنه قد أبلغ الرئاسة بما لديه من معلومات وكان من المفترض أن يقوم مرسي بإبلاغ المشير بهذه المعلومات، وفى ظنى أن هذه اللحظة قد تبين لجهاز المخابرات وللمجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن ذلك الحاكم الجديد القابع فى الاتحادية ليس وطنيًا مخلصًا، وأنه يعمل وفق أجندة خاصة لخدمة مصالح جماعته والتى خرج منها من يدعى أن الجيش هو من نفذ العملية ضد نفسه، لكى يكتسب تعاطفًا شعبيًا، ولكى يبرر أى عمليات سيقوم بها فى سيناء، وهذا التصريح قد ردده أيضا ـ فيما بعد ـ أحد قيادات حزب النور، مؤكدا أن مرسى هو من أبلغه بهذا، وعندما تسرب الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعى نفى مرسى أن يكون قد صرح بذلك لأحد، وليس غريبًا على أتباع هؤلاء أن يصدقوا مثل هذا العته، ولم لا وقد صدقوا أن النبى صلى الله عليه وسلم قد قال «كيف أؤمكم وفيكم الرئيس محمد مرسى وأن مرسى قد صلى بالرسول وأن جبريل قد نزل على الناس فى رابعة وبشرهم بالنصر»، هؤلاء الذين يصيحون فرحًا عندما أعلن أحد قادتهم أن أمريكا قد حركت أسطولها نحو الشواطئ المصرية لإعادة مرسى إلى الحكم، ونعود إلى الحادث، حيث أبلغت إسرائيل الخارجية المصرية بنتيجة التحقيق المبدأى وبأسماء المتورطين، فطلب مرسى عدم الإعلان عنهم إعلاميًا، لكى لا يجرح مشاعر الإخوة فى حماس.. وللحديث بقية.