ليس مدهشًا عندما يترك وطن بحجم وقيمة وتاريخ مصر التى قدمت للدنيا فجر الضمير والقيم الحضارية والإنسانية وأروع آيات الفن والجمال والإبداع، والذى مازالت أكثر الدول تقدما تسعى لامتلاك كنوز من هذه الكنوز، عندما تتعرض للتجريف والتدمير فى هذا الوطن الثقافة والإبداع والإنارة والاستنارة والإيمان الذى لا يخاصم العقل والحضارة بأن يسود التخلف والجهل وأن تسمع العجائب وشذوذ الفكر والحس والمشاعر التى ترى الفن والإبداع بعيون تمتلئ بالجنس وأن تسمع عن قانون ضد إهانة الرموز لمزيد من القيود والمصادرة على حق النقد الموضوعى الموثق، والاحتكام إلى الحوار العلمي، والاختلاف دون خروج عن القواعد والاصول، ويبين من يستندون إلى العلم والتخصص والخبرة، ومما يثيرى العقول والوجدان ويصحح بعلم وموضوعية ما يحتاج إلى تصحيح، ويعطى قدوة للأجيال الصغيرة كيف تفكر وكيف تحاور، وكيف تعمل عقولها باحترام وبحب وبعلم فيما تقرأ وتسمع .
أيضا لا أعرف كيف من أدلوا بآراء شاذة تناقض ما عاشه المصريون من استنارة وحضارة وإيمان يحترم العقل والفكر ويعتبره فريضة إسلامية، كيف يطلون من على شاشات وبرامج لا تُعد ولا تحصي، هل هناك بلد يحتاج إلى العمل والإنتاج كما نحتاج إليه، وعانى أزمات مع الكهرباء وانفق عليها ما انفق، ويرسل هذه الأعداد المهولة من الساعات التى إذا سادها إعلام مهنى جاد، وبناء ثقافة وفنون عالية، وقيم جمالية وإبداع حقيقى وإطلاق لحرية الحوار والفكر اتفاقا واختلافا ووضع نهاية حازمة وقاطعة للتخلف ولا إهانة للقيم الثقافية والحضارية والإيمانية التى شكلت أهم ملامح ومقومات الشخصية المصرية، ألم تكن تشارك فى إيقاف التراجع المخجل والمؤسف وقول دين سمح جاء رحمة للعالمين إلى أداة لتغييب العقول والقتل والتدمير؟!
ومما يثير الدهشة والعجب أيضا أن يسارع نائب أو نواب لمثل ما اطلقوا عليه قانون إهانة الرموز!! وينسون ما كان يجب أن يهرولوا إليه من قوانين كان الملايين من الأرصدة والظهير الشعبى لدولة 30/6 فى أمس الحاجة إليها لتخفيف عنهم آثار ما اتخذ من قرارات اقتصادية وتحمل آثارها وتوابعها بالكامل إلى السادة القياديين والمتمكنين الذين عادوا إلى صدارة المشهد المالى والاقتصادى والاجتماعي، وينفى ما يؤمن به الكثيرون ان بعض النواب من أصحاب المصالح والمصانع من أهم أسباب عدم الاهتمام بما كان من أوجب واجبات المجلس، وأولوياته لإنهاء مزيد من توحش وتضخم واحتكار قرى مالية قديمة وحديثة!!
اين قوانين محاسبة المسئولين؟! وهل حياة سبعة أطفال لا تساوى إيقاف فورى للمسئول الأول فى المحافظة وإلى أن تظهر نتائج تحقيقات عاجلة تحمل مسئولية هذه الأرواح البريئة كل من شارك باهمال أو تهاون، وتسود بطول البلاد وعرضها إلا الواجهات البراقة وحيث يتوقع السادة المسئولون فى تقرير مهم قدمه برنامج العاشرة مساء وقف الاهالى المكلومون الذين غرق أولادهم فى ترعة المحمودية عندما سقط بهم التوك توك – يصرخون من سوء الطرق وعدم تمهيدها – وشكواهم التى لم تنقطع ولم يستمع إليها أحد. بالإضافة إلى السرعة الجنونية لسائق التوك توك، وغياب القانون وانتشار الفوضى ووقف مسئول الإدارة المحلية التابعة لها عزبة شعبان – يبشرهم بأن الطريق سيتم تمهيده – وكأنه على شرف أرواح الأطفال السبعة، وللأسف انه نموذج من مئات آلاف النماذج للاهمال واللا مبالاة التى تعامل بها مصالح واحتياجات المواطنين، أعلن معالى الباشا الوزير المحافظ أنه سيتم صرف 5 آلاف جنيه لأسرة كل متوفى فى الحادث، وألف جنيه لأسرة الطفل المصاب .
قيمة المواطن!! فى حوار مع الأهرام أشاد وزير التنمية المحلية بقوة الاداء المتميز والكفاءات التى تتميز بها إدارة المحليات العاملين فيها، مما يؤكد انفصال سيادته تماما عن الواقع الذى تعانيه الملايين من الارصدة والظهير الشعبى الذين كان يجب تحديد الأولويات فى أداء المسئوليات وكفاءة المسئول.
للعلم.. الزهور السبعة التى دفعت حياتها ثمنا لصورة من أبشع صور فساد المسئولين والأداء. لن يتوقف الأمر عليهم – ففى مصر الآن كارثة حقيقية تمثلها هذه الوسيلة التى تمثل واحدة من صور التخلف والتراجع والفوضى التى تمتلئ بها جميع الشوارع الكبيرة والصغيرة، وفى المدن قبل المراكز والقري، هذه الوسيلة تبدو كأنها جراد كبير يطير بلا أجنحة، شاهدت واحدا منها محملا بأطفال عائدين من المدرسة وأرجل بعضهم مدلاة من الفتحات وصبى أصغر منهم يطير بهم كأنه طيارة، هذا خلاف بعض جرائم النشل والخطف والتحرش!! من المسئول عن هذه الكارثة.. ومن يستفيدون بحماية هذه الفوضي؟!
مازال استيرادها مستمراً برغم ما ظهر من أزمات مرتبطة! وكيف نحمى المواطن؟ ونحمى هذه الفئة من أطفال وشباب أصبح مصدر حياتهم ورزقهم؟!
موت الأطفال السبعة الموجع والحزين والذى طويت صفحته وكأن لا شيء ذا قيمة حدث!! وهو ما لا يحدث فى بلد يحترم القانون وقيمة وحياة المواطن جيدا، كل من لن يقوم بواجبه لن يمر بلا حساب جاد وعقاب رادع.. الكبير والصغير.. المرور، مرور الكرام على كوارث وأزمات وخطايا وجرائم وإهمال حياتنا أصبح يمثل ظاهرة بالغة الخطورة، بينما يحدث الالتفات والضجيج والمطالبة بإصدار قوانين على توافه وهوامش الأمور، عشرات الأقلام كتبت، ومازالت تتعرض له الآثار.
سر اختفاء 32 ألف قطعة أثرية، وجود قاعدة بيانات بالوزارة حتى الآن (فيتو) 22/8/2017 وما نشرته 9/11/2017 و(الوطن)12 الحالي!! ولا مسئول يرد أو يوضح أو يصحح!!
إن المواطنين فى محافظات مصر يصرخون من تواصل البناء فوق أخصب الأراضي، ومازال التدليل مستمرا للمعتدين وناهبى الأراضى والقوانين التى توقف الكارثة وتنقذ ما تبقى من كل ما ضاع والمعلن عنها سنوات طويلة لم تصدر بعد؟!
المشروع الحلم لكل مواطن لا يملك تكاليف العلاج الفاخر أو السفر إلى الخارج، تأمين صحى شامل فى مستشفيات آدمية وبأيدى أطباء مؤهلين على أعلى مستويات التعليم والخبرة الطبية وتتوافر لهم الظروف المادية والمعنوية لاداء رسالتهم على أفضل وجه، مشكلات ومصادر تمويل المشروع تُحول الحلم إلى مستحيل عندما تعتمد فى تمويله على المواطن المنهك اقتصاديا.. التحديات التى تكاد تجعل من الحلم مستحيلا مثل مستحيلات كثيرة بسبب الأزمات الاقتصادية تفرض سؤالا مهما: أين القوانين الجادة لاسترداد ما نهب وسرق من أموال المصريين؟ وهل تم الاكتفاء بفتات وبقايا أرباح الملايين والمليارات التى تفضل بها السادة الرءوس والرموز من النظام الاسبق؟! ما هى أخبار الملفات التى ُفتحت واللجان التى صرفت الملايين بدعوات استردادها، وأظن أنه لم يتبق إلا القليل من الزمن لانتهاء المهلة الزمنية التى أعادت سويسرا السماح بها قبل إنهاء حق الشعب المصرى فى المطالبة نهائيا بها؟!
اين قوانين انصاف الشعب واحترامه فى الخدمات والرعاية التى تقدم له، وفى أمواله وثرواته، وملياراته المنهوبة التى كانت تستطيع ومن المؤكد أن تخفف عنه أحمال وأعباء مشكلات نقص التمويل وانهيار المستشفيات والعلاج والمدارس والزلازل الاقتصادية؟!
هل أصبح الحل فى مزيد من مصادرة العقل والتفكير والإبداع والرأى والاستنارة؟!!