عندما سُئل الرئيس الأمريكى ترامب ما الذى تتوقعه من لقائك مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون فى نهاية مايو المقبل، قال الرئيس الأمريكى، لا أحد يعرف على وجه التحديد، ربما أعود سريعاً وربما نجلس سوياً كى نعقد أهم صفقة فى التاريخ، وبرغم أنه لا يزال هناك 12 أسبوعاً لترتيب هذا الاجتماع التاريخى، ليست هناك خريطة طريق لهذا الاجتماع لأنه لم يسبق للرئيسين أن التقيا أو تحادثا على التليفون، ويكاد يكون الشىء الوحيد الذى تبادله الرئيسان الأمريكى والكورى على مدى عام كامل السخرية والأوصاف المقذعة والإهانات المتبادلة.
ولم يعرف بعد المكان المقترح للقاء، وإن كانت كل من سويسرا والسويد تعتقد أنها الأجدر، بينما تعتقد منغوليا أنها المكان المناسب لحيادها الكامل بين الاثنين، ورغم أن السوابق تؤكد أن الاجتماعات السابقة بين قادة كوريا الشمالية وأمريكا تمت فى كوريا الشمالية كما حدث مع الرئيسين السابقين بيل كلينتون وجيمى كارتر، فإنه ليس هناك ما يحول دون أن يتم اللقاء فى الولايات المتحدة، خاصة أن الرئيس الأمريكى ترامب سبق وهو لا يزال مرشحاً لانتخابات الرئاسة الأمريكية أن دعا الرئيس الكورى على وجبة هامبرجر فى أمريكا!، وربما يكون مناسباً اختيار دولة ثالثة ضماناً للحياد، لكن ثمة من يعتقدون أن ترامب الذى يتصرف عكس المعتاد والمألوف ربما يذهب إلى كوريا الشمالية، وكذلك غريمه رئيس كوريا الشمالية الذى ربما يقبل دعوة ترامب على وجبة هامبرجر فى الولايات المتحدة، لكن الأمر المؤكد أن ترامب ناقش فكرة إجتماعه مع رئيس كوريا الشمالية مطولاً مع الرئيس الصينى إكس بنج بنج الذى حبذ اللقاء وإمتدح سعى الرئيس الأمريكى من أجل حل الخلافات!، واستبعد ترامب أن تطلق كوريا الشمالية أيا من تجاربها الصاروخية أو النووية خلال اللقاء مؤكداً أن الرئيس الكورى الشمالى سوف يحترم قراراته. ويعتقد كثيرون أن الرئيس الكورى قد أطلق صواريخه العابرة للقارات التى تثبت قدرته على أن يصل إلى أى مدينة على أرض الولايات المتحدة بما فى ذلك واشنطن، وبات مؤكداً أنه يملك قنبلة هيدروجينية، فإن الأهم بالنسبة له الآن أن يظهر فى الصورة مساويا للرئيس الأمريكى ويعامل باعتباره قوة نووية تحاور قوة نووية أخرى على قدم المساواة، وهذا ما كان يريده والده ويريده جده كيم إيل سونج، ومع أن الرئيس الأمريكى ترامب أعلن أنه سوف يلتقى الرئيس الكورى الشمالى فى نهاية مايو المقبل دون شروط مسبقة، إلا أنه أعلن يوم الجمعة الماضى وفى إحدى تغريداته المهمة، أنه ربما يكون مفيداً أن تنفذ كوريا الشمالية بعض الخطوات المحددة والواقعية قبل اللقاء، بما يشير إلى أن الأمر ليس سهلاً وربما تكون هناك بعض المشكلات والعقبات التى تحتاج إلى إجراءات احترازية.
أهمها بالطبع، أن تؤكد كوريا الشمالية جديتها فى قبول إخلاء الخليج الكورى من أى أسلحة نووية، وأن تقبل نزع سلاحها النووى بصورة مطلقة دون أى تسويف أو غش، وتقبل التفتيش الكامل على كل مواقعها العسكرية والمدنية فى أى وقت من قبل مفتشى الوكالة الدولية للطاقة النووية دون إذن مسبق، فضلاً عن قبولها إجراءات المراقبة التى تبقى على جميع مواقعها النووية تحت الرقابة والمتابعة على مدى الساعة، ولأن سوابق كوريا الشمالية فى خرق اتفاقاتها النووية كثيرة، فربما يكون من الأهمية بمكان أن تطمئن الولايات المتحدة إلى سلسلة من إجراءات المراقبة والتفتيش الواضحة تكفلها ضمانات محددة.
وفى المقابل تحتاج كوريا الشمالية إلى ضمانات واضحة كى تتخلى عن أسلحتها النووية، وتطمئن إلى أن واشنطن لن تحاول الإضرار بها، أخذاً فى الاعتبار أن واشنطن كانت تؤثر دائماً التخلص من هذه الأنظمة المتمردة بدلاً من التفاوض معها، كما فعلت مع صدام حسين والعقيد القذافى، والواضح أن كوريا الشمالية حريصة على أن تكون هذه الضمانات دولية وموثقة، تشارك فيها الصين والأمم المتحدة والمجتمع الدولى وربما الكونجرس الأمريكى، ولا يقل أهمية عن هذه الضمانات أن تلقى كوريا الشمالية معاملة دولية متكافئة مع جميع حقوق الدول الدائمة العضوية فى مجلس الأمن مثل الصين وموسكو، ولأنه لا يزال هناك 12 أسبوعاً حتى موعد اللقاء فى نهاية مايو المقبل، يتوقع المراقبون أن تكون المفاوضات صعبة وشاقة تحفل بالكثير من الشروط والضمانات.