رب ضارة نافعة ، هذا المثل الذي نطلقه عندما يصيب شخص ما ظروف سيئة خلال حياته لكنها تكون سبب في نجاته أو تحقيق حلمه.
عندما جاءت جائحة كورونا أصيب العالم بحالة من الركود والشلل التام، لذا كان من الضروري إعادة النظر وترتيب الأوراق حتى تستمر حركة الحياة، ومن هنا لجأت العديد من الدول إلى تفعيل استخدام التكنولوجيا، وسرعة التحول الرقمي.
وعملت الحكومات وعلى كافة الأصعدة السعي الجاد نحو ميكنة خدماتها والتخلص تدريجيًا من التعامل الورقي بين الجهات المختلفة، وفي مجالات متعددة مثل الصحة، والتعليم، والخدمات المصرفية وتجارة التجزئة وغيرها.
وأصبح التحول الرقمي ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى لتحول المؤسسة رقميًا، وواحدًا من أهم دوافع ومحفزات بقاء نمو الشركات والدوائر الحكومية، مما فرض عليها الانتقال وبشكل سريع إلى نموذج عمل يعتمد على التقنيات الرقمية في ابتكار المنتجات والخدمات.
كما أحدث التحول الرقمي تغيير جذري في طريقة العمل، من خلال الاستفادة من التطور التقني الكبير الحاصل؛ لخدمة المستفيدين بشكل أسرع وأفضل، ووفر إمكانات ضخمة ومتنوعة ليس فقط للعملاء والجمهور، ولكن لبناء مجتمعات فعالة، تنافسية ومستدامة، عبر تحقيق تغيير جذري في خدمة مختلف الأطراف من مستهلكين، وموظفين، ومستفيدين، مع تحسين الكفاءة التشغيلية وتنظيمها، وتحسين الجودة، وتبسيط الإجراءات، وخلق فرص لتقديم خدمات مبتكرة وإبداعية بعيداً عن الطرق التقليدية في تقديم الخدمات، من خلال سلسلة من العمليات المتناسبة، ومتوافقة مع إعادة صياغة الإجراءات اللازمة للتفعيل والتنفيذ.
ويتطلب التحول الرقمي تمكين ثقافة الإبداع في بيئة العمل، ويشمل تغيير المكونات الأساسية للعمل، ابتداء من البنية التحتية، ونماذج التشغيل، وانتهاءً بتسويق الخدمات والمنتجات. إلا أن التحول الرقمي لا يعني فقط تطبيق التكنولوجيا داخل المؤسسة بل هو برنامج متكامل يشمل المؤسسة ككل وطريقة وأسلوب عملها داخليًا وخارجيًا، بحيث يمكن إنجاز الأعمال المشتركة بمرونة وانسجام.
ويشكل التحول إلى اقتصاد رقمي إنجاز مراحل عملية الإنتاج بالشكل الذي يحد من إهدار مدخلات الإنتاج، مما يعظم من الإيرادات ويخفض من تكاليف الإنتاج. كما يحقق التحول إلى الاقتصاد الرقمي إلى الربط الفعلي بين الصناعة والمؤسسات التعليمية ومراكز البحث العلمي لتقديم حلول وابتكارات ومبادرات للنهوض بالاقتصاد الوطني.
كما يوفر التحول الرقمي فرصًا كبيرة للمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، على مختلف الجوانب، من أهمها تحقيق أهداف المؤسسات والوصل بها لرؤيتها الإستراتيجية، التحول الرقمي سيساعد المؤسسات على تحسين مسارها، واستخدام موادها بكفاءة أعلى وأمثل، مما يساهم بشكل رئيسي في نمو هذه القطاعات وازدهارها، والتي ستنعكس إيجابًا على تقدم الدول لتكون أكثر إدراكًا، ومرونة في العمل، وقدرة على التنبؤ والتخطيط للمستقبل.
باحثة وكاتبة في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية