تمر الأيام ثقيلة و لا تبدو في الأفق مؤشرات لأية حلول في كارثة السد الأثيوبي. والجديد في الأمور هو زيادة النشاط الدبلوماسي و الدعوات المتزايدة باستئناف المفاوضات الفاشلة التي أستهلكت عشر سنوات كاملة لم ينتج عنها أي نوع من التقدم أو صيغة للاتفاق. لأن سياسة إثيوبيا واضحة و صريحة و معلنة أيضا فهي لا تعترف بالقانون الدولي ولا بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التاريخية و تبني السد ولا شئ يوقف هذا البناء.
وأعتبرت الخط الأحمر الذي تحدث عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يخيفها بل وأعلنت هي الأخري أن كافة الخيارات مطروحة ومتاحة ردا على تصريحات الرئاسة والخارجية المصرية.
أما الشئ الوحيد الذي تقبله إثيوبيا فهو الأمر الواقع بمعني أنها تفرض إرادتها على المشهد برمته وهي قاب قوسين أو أدني من الوصول لتنفيذ الملء الثاني الذي يجعل من مصر و السودان عبيدا لمشيئة الأحباش في إثيوبيا .
الحل الوحيد هو فرض الأمر الواقع أيضا من مصر و السودان الآن قبل الغد أي أن بناء هذا السد لن يكتمل تحت أي ظرف من الظروف و مهما كان الثمن والتضحيات. ولدينا كل الثقة في هذا الحل لو بدأناه فورا ولدي مصر و السودان. عدة حلول وبدائل لوقف الأعمال الإنشائية في سد الخراب وبإيدي الإثيوبيين أنفسهم. سواءا كانوا تيجراي أو بني شنقول الذين هم من بني جلدتنا أصلا. ولن يتغير أي شئ على الأرض إلا بعد أن تتخذ مصر و السودان خطوة إيجابية. ولو لمرة واحدة فقد تشبعنا كذبا واستخفاف من إثيوبيا بنا ولا أظن أن ما يحدث لا يزيدنا إلا مهانة. وتقليل منا ومن إمكانياتنا و قدراتنا بل و تسرب اليأس لدي بعض النفوس. من أننا لا نملك أن نرد على إثيوبيا بعد الذي تفعله بنا فهي تتصرف مع الدولتين. و كأنها تتصدق عليهم أو تعطيهم حسنات منها بسخاء عندما تحضر معهم تلك المفاوضات العبثية .
حماية النهر و عدم السماح بالمساس بأمن نهر النيل هو المهمة الأولى للدفاع عنها من رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والمخابرات العامة وكافة أجهزة ووزارات الدولة. ولا أحد منا يشك ولو للحظة أن أحدا منهم لن يدافع عن نهر النيل. وكلنا مصطفون صفا واحدا خلف الرئيس والقوات المسلحة والمخابرات العامة وبقية الوزارات. فلماذا لا نتحرك وندفع عن أنفسنا ذلك الموت الذي يهددنا و إذا لم نتحرك الآن فمتي سنتحرك؟.. وكلنا يعلم أن أي تحرك بعد فوات الأوان لا قيمة له. ولن يكون للدولتين قيمة ولا ثقل سياسي أو عسكري لن يكون هناك زراعة ولا صناعة ولا دولة أصلا .
لا قيمة أبدا لهذه المفاوضات التي دعا لها السيد حمدوك بين رؤساء الوزراء في الدول الثلاث مصر و السودان و إثيوبيا خلال عشرة أيام فما الفرق بين هذه المباحثات وبين ما سبقها وبعضها ضم رؤساء الدول الثلاث أنفسهم و لم ينتج عنها جديد وظل التعنت الإثيوبي كما هو وظل بناء سد الموت مستمرا و تزداد البجاحة الإثيوبية يوما بعد يوم. ووصلت إلى حد التصريح علنا بأنها ستبيع المياه المخزنة خلف السد. وكان التصريح واضحا لا مواربة فيه وعلى لسان المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية دينا مفتي. و ليس على لسان أحد خارج عمن يديرون الأمر .
كما لا أجد مبررا أبدا للثقة فيمن يحكمون إثيوبيا أن يحترموا أي اتفاق يبرم معهم الآن. فمن يضمن أن يلتزموا بأي اتفاق سيوقعونه. وبالطبع بعد إكتمال الملء الثاني للسد لن يكون لنا أي بدائل للتعامل مع الخيانة الإثيوبية. فلماذا ندعو للمرة الألف للعودة للتفاوض إلا إذا كنا عاجزين عن الدفاع عن النهر الذي يمنحنا الحياة. وهنا فنحن لا نستحق الحياة و ليكتب التاريخ أن هذه كانت نهاية الحياة في مصر و السودان .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية