ما أجمل الحياة حين تصفو الأنفس وتقف الأرواح على باب خالقها تتأهب لحرارة اللقاء من شدة المرض.. حينها تعود للمرء ذاكرة فولازية تفحص كل ما مر من سنوات العمر.
وما بين دعوات الأهل والأحبة واستغفار معلق بأبواب السماء، وعلى مشارف القبر تُغير الدعوات القدر لتحيا النفس من جديد بقدرة الواحد الديان.
ويبدأ المرء من جديد مسيرة تتغير فيها الرؤى والأحلام والنظرة للمستقبل، ويحيا مدركًا أن العمر مهما طال أوقصر فإنه منتهٍ لا محالة.
وتتعلق الروح بالله في مهلةٍ جديدةٍ يعيش بها ما تبقى من عمر، ويُعيد تقييم ما بنى ويبني من جديد على أسس متمسكًا قلبه بالله، وازنًا كل ما يدركه من أمر، معيدًا حساباته فيما مضى ومدققًا في كل ما هو آتٍ.
وإذا كان الأمس قد مر بسلام، فلا مانع من إصلاح ما أفسده الدهر ووضع موازين الغد في الحسبان.
الدنيا وما عليها فناء لا يدوم والخسارة تُلاحق من أفنى عمره في بناء قصور في الهواء تزورها الرياح ولا يبقى لها ذكر ولا أثر.
هكذا حياتنا اهتممنا فيها بما هو فانٍ ونسينا أن نعمل لما هو آتٍ.
لحظات حاسمة في حياتنا نُعيد ترتيب أوراقنا وأهدافنا وأهمية وأسباب وجودنا في الحياة، ونُزيل عن أرواحنا أتربة تراكمت عليها بفعل الزمن فأطفأت بريقها وسدت مخارج أنفاسها وقاربت بين وجودها والعدم.
وجاء المرض فرصة ذهبية لننقي ونُعيد تدوير ما بقى لنبدأ حياة جديدة نتحسس فيها خطانا ونُعيد رسم مسارنا لغدٍ طال أم قصر موعده لكنه آتٍ لا محالة.
ونستعين بالله الذي ابتلانا بالمرض ومنَّ علينا بنعمة الشفاء بعد طول السقم، في إشارة من الخالق أن العمر منتهٍ لا محالة طال أم قصر، وأن الغفوة يعقبها الندم.
العمر لحظة فما أجمل أن نقضيها في طاعة الله قبل الندم.. فالمرض بلاء فهل من متعظ!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية+