ثورة 30 يونيو هي الوجه الآخر لثورة 1919 ففي الثورتين برزت بوضوح الشخصية المصرية والإرادة القوية والتضحية بأسمى معانيها. وتجلت الوحدة الوطنية الخالصة بوقوف المسلم جوار المسيحي. واعتناق الهلال للصليب، ودرء أي فتن تعوق الوصول إلى غايتهم النبيلة في الدفاع عن الوطن.
ثمانية أعوام مرت على ثورة الشعب يوم 30 يونيو 2013، والتي تعد «ملحمة خالدة» لاستعادة الدولة من يد «سارقي الأوطان» وتصحيح المسار لتفتح أبواب الأمل والخير أمام المصريين، ليستعيدوا الأمن والأمان ويبنوا الأمجاد بعد خوضهم معركة صعبة لبناء اقتصاد الجمهورية الجديدة، وتقويتها على جميع المستويات الأمنية الاجتماعية والسياسية.
لم تكون ثورة 30 يونيو مجرد ثورة عابرة وإنما كانت شعبية حاشدة ضمت جميع أطياف الوطن دون تفرقة. في وقت واحد وأماكن مختلفة ليرفضوا الفساد والإرهاب وأخونة الدولة. ويقولوا «لا» لأعداء الوطن من جماعة الإخوان التي استحوذت على مقاليد الحكم، وحاولت تدمير مفاصل الدولة، وطمس هويتها، ونشر الخراب في مختلف أنحاء البلاد.
أهمية ثورة 30 يونيو تكمن في الشخصية المصرية التي لا تتغير على مر العصور. فكلما استشعر المصريون الخطر على بلادهم لم يتأخروا في تقديم أرواحهم ودمائهم فداء لهذا الوطن. فيتناسون أي مشاحنات أو مطالب فئوية ويجتمعون على قلب راجل واحد حتى تنتصر إرادتهم ويستردوا الوطن. وهو ما حدث في ثورة 1919 عندما تصدوا لقوى الاحتلال الإنجليزي بقلب واحد، وصوت واحد، وإرادة موحدة.
وكعادة رجال القوات المسلحة، قامت تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بإحاطة الشعب يوم 30 يونيو لحمايته، ومنع سفك الدماء، والحفاظ على هوية الدولة، وانتصروا لإرادة ملايين المصريين الذين احتشدوا في الميادين ليطيحوا بنظام الإخوان، ويفتحوا الطريق نحو النور بعد أن اتشحت الدولة بالسواد على مدار عام كامل.
ومن منطلق مسئولية القوات المسلحة الوطنية والأخلاقية تجاه الشعب، تدخلت لمنع انزلاق مصر إلى نفق مظلم من الصراع والاقتتال الجاري والفتنة الطائفية وانهيار مؤسسات الدولة، وبالفعل أمهلت الإخوان 48 ساعة لتنفيذ مطالب الشعب وبعد تجاهل الجماعة هذه المطالب، كان الموقف حاسمًا بإنهاء حكم الإخوان في 3 يوليو 2013.
وجد المصريون في الرئيس السيسي زعيمًا وطنيًا مخلصًا، توسموا به خيرًا. فسلموا له مقاليد الحكم وساروا خلفه يدعمونه ويساندونه، ليعبر بالدولة المصرية إلى بر الأمان، ويقضي على جماعات الشر، ويحمي مصر من خطر الإرهاب والفتن والتفكك، وتمكن بالفعل من الانتصار عليهم في الحرب الحاسمة التي خاضتها قواتنا المسلحة ورجال الشرطة ضد الإرهاب، ثم عادوا ليبنوا ويشيدوا ويعيدوا مصر قوية تتبوأ مكانة دولية مرموقة يتعجب لها العالم.
لعل أعظم الرسائل التي وجهتها تلك الثورة الشعبية العظيمة. هي أن الشخصية المصرية الفريدة بطبعها ستظل قوية أبية على الإذلال أو الانصياع وراء أي عصابة أو عدو. وقادرة على التصدي والمواجهة لتحفظ تراب الوطن مهما كانت التضحيات.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية