بقلم – كمال عامر
لم أتصور أن هناك[bctt tweet=” أطرافًا عدة لديها اهتمام بتطوير منظومة متكاملة لحل إشكالية إعلام الدولة” via=”no”] من ناحية النظام أو الحكومة.
الملاحظ أن هناك رغبة فى وضع قواعد تخدم الأطراف المعنية كافة. تتيح للحكومة أن تحصل على عائد مقابل ما تبذله من جهد لحل مشاكل مالية واجتماعية معقدة تكاد تعصف بالمؤسسات الصحفية أو إعلام الدولة بما فيها التليفزيون.
فى المقابل، العاملون بتلك المؤسسات يحتاجون إلى معرفة الخطوة القادمة بشأن مستقبل هذا النوع من الإعلام، وهل هناك دمج بين عدد من المؤسسات أو تقوية فردية أو تغيير نشاط؟
من المهم أن نعترف أن صناعة الإعلام وخاصة الحكومى تواجه أخطر أزمات صيانتها بعد أن فقدت القواعد الداعمة له من أجنحة الدولة.. والتى كانت عبارة عن حزمة متنوعة من المساعدات سواء مباشرة، مثل جزء من الرواتب أو الالتزامات المالية، أو غير مباشرة مثل التوجه لأجنحة الحكم باستثناء المؤسسات الإعلامية الحكومية من المناقصات والمزايدات ومنحها الأولوية فى الحصول على الخدمات التى تدر عائدا ماليا يساعد فى تسديد الالتزامات تجاه العاملين مثل كتب وزارة التربية والتعليم.. وتسهيلات فى الضرائب والتأمينات وقروض البنوك وغيرها.
الملاحظ أنه بعد يناير ٢٠١١ حاول الإخوان حرق مؤسسات الدولة.. وكان للمؤسسات الإعلامية الحكومية النصيب الأكبر من العداء، حيث ارتكز الإخوان فى تطبيق فكرتهم باستنساخ إعلام موال للعشيرة والجماعة والحرية والعدالة وليس الدولة، وهو ما دفع النظام السياسى الإخوانى فى البحث عن نجوم جدد فى البرامج.
أو تجنيد عدد من الإعلاميين الموجودين وقتها على الساحة للانضمام للخريطة الإخوانية الجديدة للإعلام.
لم يكن هناك أى رغبة لدى الإخوان للإبقاء على المؤسسات الصحفية القومية أو الحكومية ولا على التليفزيون، وحاول الإخوان تطبيق خطة تفجير تلك المؤسسات من الداخل عن طريق تجنيد عدد من الصحفيين أو الإداريين داخلها لخلق الشرارة، وهو ما انعكس على توترات داخلية شديدة كادت أن تتحول لحرب أهلية، والهدف هو منح الإخوان تفويضا بالتقدم بحلول من عندهم، مع وضع تصور أو خطط الشكل العام لها إنقاذ.. لكنها فى الحقيقة خطط للسيطرة.
بمرور الوقت، تيقنت القوى الإعلامية داخل تلك المؤسسات أن الإخوان لن يرضوا بإدخال إصلاحات أو تغييرات، بل هدفهم تعيين مجموعات من المتعاطفين أولا يتبعها تعيين كوادر إخوانية بعد التمكين للسيطرة والتوجيه.
مع استمرار الرفض الشعبى للإخوان والتمهيد لثورة ٣٠ / ٦ انشغل الإخوان بمصيرهم فى الحكم، وتراجع بالتالى الاستمرار فى أخوانة الصحافة.
بعد زوال حكم الإخوان انشغل النظام السياسى بترتيب البيت من الداخل.
وأيضًا التعامل مع حركة التنمية وحدث سباق مع الزمن من أجل البناء واختصار الفترة ما بين العمل، وتحقيق النتائج وانعكاسها على حياة الناس ومعيشتهم.
أيضًا انشغل النظام -وحتى الآن- بترتيب أولويات مهمة خاصة بحال البلد، والتعامل بفكرة ضرورة أن يكون التطوير فى إعلام الدولة ذاتيًا دون فرض وصايا أو قوانين.
هذا الإطار من العلاقة لإيمان النظام بأن إعلام الدولة قد لعب دورًا كشريك أساسى فى مرحلة الثورة، ومن غير المعقول أن يتم اتخاذ قرارات قد تثير القلق أو تلحق ضررا بالشريك، كان وما زال هذا الشعار هو المرفوع من جانب النظام.
ومع التطور الذى يشهده المجتمع لاحظ النظام أن هناك جزءا مهما جدًا تعطل على تنفيذ خطة التطوير، التى نراها أنها مهمة وملحة لبناء الدولة والتعطيل يلحق الضرر بالتنمية ككل، هذا الجزء هو إعلام الدولة.
أطلق إعلام الدولة فى أن يطور نفسه بنفسه، أو أن يقود التغيير من الداخل كخيار كما هو معمول به فى قطاعات أخرى من الحكومة وجدت نفسها دون استعداء بحلول لمواجهة مشاكل هذا النوع من الإعلام، حاولت التدخل بحذر وهى على يقين بأنها تواجه خطرا يملك من الأسلحة الكثير. وفى المقابل لا تملك بديلا مؤقتا ولا خططا لمواجهة الصدام.
الحكومة فى مأزق، وعندما طرحت فكرة غياب الرؤية الحكومية لما هو مطلوب من إعلام الدولة فى المرحلة الحالية وحتى المقبلة، وعدم وجود وسطاء مؤهلين لتلك الوساطة ما بين الجهتين وغياب متحدثين باسم الحكومة يشرحون ما هى الأطر الجديدة المطلوبة.. هذه الضبابية كانت وراء تدخل أطراف جديدة فى اللعبة، وهو تدخل ألحق الضرر بالحكومة.. وأظهرها على أنها لا تملك أى خطط فى تأثير العلاقة بينها وبين إعلام الدولة أو كيفية تطويره ليساعد فى بناء البلد!!
من الواضح أن حتى مشروع القوانين المقترحة لتنظيم تلك العلاقة لن تؤدى الدور المطلوب من وجهة نظر الحكومة، فى ظل اهتمام من جانب إعلام الدولة على الحصول على حرية الكلمة وحرية القرار، وحرية التصرف.
مع حرية الحصول على كل المساندة الحكومية بكل أنواعها دون التزام..
الحكومة بدورها فهمت اللعبة، وأيقنت أنها خسرت معركة تطوير إعلام الدولة ومساندته ليقوم بدور يساعدها فى التواصل مع الشارع، والتهيئة لقراراتها وأيضًا تسويق أعمالها والدفاع عنها.
ما زلت أرى أن تطوير إعلام الدولة وخطط إصلاحه لن تتم فى يوم وليلة، بل تحتاج لتطبيق ما هو موجود بالقانون.
«يد» القيادات مغلولة ومرتعشة وأيضًا الحكومة لا تريد حربًا أهلية مع أحد شركاء الثورة والبناء.
والحل بترك إعلام الدولة فترة تتساقط داخله الأوراق بحكم الزمن وتؤخر التنمية بشكل عام.
التعامل بهدوء مع ملف إعلام الدولة ضرورى، ودفع النظام بحزمة إجراءات بحلول دون رؤية أمر يلحق الضرر بالجميع.
– الواضح أن الحلول الداخلية تنظيم حركة واتجاهات إعلام الدولة والتخطيط لمستقبل يتيح لهذا النوع مع الإعلام التطور.. لن تنجح.. والتأميم أيضًا لن ينجح.