منذ أن شرع الرئيس الروسي بوتين في اجتياح أوكرانيا، والعالم يحبس أنفاسه ويتابع عن كثب الحرب شديدة البأس، التي تحمل في طياتها الكثير من التغييرات التي فرضها الصراع الجاري.. فعلها بوتين عندما استشعر تحركات من الجانب الأوكراني بالانضمام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» وهو الوهم الذي استفاقت عليه أوكرانيا على كابوس من الدمار، فمن الحنكة السياسية أن تبتعد أوكرانيا عن الحلف، وتفضل عدم الدخول في متاهة مع روسيا، ولكن الوقت قد مر.. ولن يجدي البكاء على اللبن المسكوب.
بالطبع هناك من حذر الرئيس الروسي من اجتياح أوكرانيا، ولكن ما حدث أعتقد أنه مدروس بعناية فائقة، وفقًا للتقديرات الأمنية لأجهزة المخابرات الروسية، ورغم أن غزو أوكرانيا لم يكن بين ليلة وضحاها، إلا أن بوتين، أثبت للغرب أنهم بلا وزن أو قيمة تذكر، أمام وجود تهديدات أمنية لبلاده، ولذلك مهما حاول الغرب فرض عقوبات اقتصادية على كيانات روسية، لن يجدي ذلك عن استمرار المهمة الجارية في الداخل الأوكراني، بل بالعكس نتوقع طول أمد الحرب في أوكرانيا، وعدم رضوخ الرئيس الروسي لتلك القرارات التي من شأنها إضعاف بلاده، رغم معاناة الشعب في الداخل الروسي، إلا أن الأمن يعتبر من الأولويات التي تحقق آمال الشعوب، فلا عيش بتهديدات أوكرانيا مستقبليًا، لذلك سيتحمل الشعب الروسي تداعيات قرار الرئيس بوتين.
فما حدث من المعسكر الغربي من فرض عقوبات على روسيا يعد سكبًا للماء على الزيت، ويزيد الحرب المشتعلة ضراوة، وليس العكس، ويخرج بالأزمة عن سياقها بالتهدئة والمفاوضات في أقرب فرصة سانحة، فروسيا كان لديها مخاوف من تمدد حلف شمال الأطلسي «الناتو»، والتوسع من خلال ضم أوكرانيا إلى الحلف، وهو ما يعني أن قرار الحرب تم اتخاذه بناءً على رؤية استشرافية من روسيا، خاصة أنها تعلم أن التراجع والرضوخ يكلفها الكثير سواء من الشق الأمني أو على مستوى فرض النفوذ على الدول المجاورة، وذلك بعد غزو «القرم »عام 2014 والتي كانت جزءًا خاضعًا لسيادة أوكرانيا.
وفي خضم ما يجري هناك صراع خفي بين روسيا والغرب على من يحكم السيطرة على العالم، بمعنى أن القطب الأوحد أصبح في مهب الريح، ومن سوء الحظ تم الزج بالرئيس الأوكراني في ذلك الصراع الخفي ومع افتقار الرجل للعمل السياسي ابتلع الطعم ويواجه الإبادة بصدر عارٍ، عقب إيهامه من قبل الطغمة السياسية المعادية لموسكو، بالمساعدة ومده بالأسلحة ولكن «ساعة الصفر» تركوه أمام ترسانة الأسلحة المتطورة الروسية، أصبح زيلينسكي كبش فداء لتوريط روسيا وإضعافها عبر الدخول في صراع دولي متعدد الجبهات.. وهي حسابات تفتقر للصواب، والغرب حينما راهن على زيلينسكي كان مخطئًا.
مؤكدًا أن المواجهة بين روسيا والغرب، تأخرت فمنذ غزو «القرم» كانت تحركات الغرب تجدي، ولكن الآن أصبحت بلا قيمة، بالفعل بعد 8 سنوات من تمدد النفوذ الروسي في دول الجوار، تيقن الغرب أنه فشل في تقييم روسيا بصورة صحيحة، ويحاول لملمة الأوراق بشكل عبثي يتخطى الإنسانية من خلال توظيف أوكرانيا في حالة العداء، وهو ما يعني أن العداء المتأصل سيظل باقٍ مع استخدام الأساليب المختلفة في حلبة الصراع.
أخيرًا .. أمريكا عراب الدمار، وحلف الناتو نجحوا في توريط أوكرانيا الضعيفة في صراع تاريخي مع روسيا، أشعلوا الفتنة ويطالعون الصراع من خلف الستار، فالمعركة غير متكافئة بالطبع، دولة لا تستطيع أن تدافع عن نفسها أمام دولة تمتلك الأسلحة المتطورة الفتاكة كافة.. وسيظل الصراع باستخدام دول ضعيفة لاستنزاف روسيا، بغية الانقضاض عليها من المعسكر الغربي لتقزيمها وعدم استفحالها، خاصة بعد تراجع الدور الأمريكي في إحكام السيطرة على العالم.. مؤكدًا لن تعود أمريكا للسيطرة على العالم مرة أخرى، فما حدث يحمل الكثير، وتبقى الأيام المقبلة كاشفة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية