فقد اليورو ما يقرب من 16% من قيمته خلال العام الأخير أمام الدولار سيد العملات في العالم حتى الآن وتستعد أوربا لاستقبال أسوأ شتاء على الإطلاق لو قررت روسيا منع الغاز عنهم ردا على طوفان العقوبات التي قذفتها هي وأمريكا على روسيا بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي كانت تتطلب فقط ألا تنضم أوكرانيا إلى حلف الناتو الذي يسعي حثيثا لضم كل الدول المحيطة بالدب الروسي الذي أستيقظ ولن يعود إلى النوم مجددا.
وعلى أوروبا أن تدفع ثمن انصياعها لأوامر أمريكا التي تبيع النفط والغاز والسلاح لكل أوروبا و يزداد اقتصادها قوة على حساب أوروبا كلها التي كان يأتيها الغاز متدفقا في الأنابيب وتدفع حسابه باليورو، والآن تنتظر الغاز القادم من أمريكا ومن كل دول العالم وتدفع ثمن الغاز لروسيا بالروبل الروسي .
كانت أوروبا هادئة مستقرة بلا حروب لسنوات طويلة تشاهد الحروب الطاحنة التي مزقت الشرق الأوسط في سوريا وليبيا واليمن وفلسطين ولبنان والسودان والقرن الأفريقي ولا تنغمس فيها بل تشارك بشكل يسمح لها بالتحكم في زمام الأمور وبيع السلاح والحصول على قطعة من الدولة التي يتم تقطيعها مع اتخاذ كل الإجراءات لمنع تدفق المهاجرين من هذه الدول إليها وبذلك تزداد الدول الأوربية غني وتعاني كل دول الشرق الأوسط من الفقر .
الآن تتباين مواقف دول الاتحاد الأوروبي حسب مصالحها وتحاول بعضها مهادنة روسيا بقدر الإمكان حتى تضمن ألا تقطع روسيا الغاز عنها. كما أن امتداد الحرب إلى دول أخري مجاورة ليس أمرا مستبعدا خاصة بولندا وليتوانيا اللذان يبذلان جهدا كبيرا في دعم أوكرانيا وإظهار العداء للدب الروسي.
وكان حصار مدينة كاليننغراد الروسية التي تقع بين بولندا وليتوانيا وبحر البلطيق أخر هذه الإجراءات وقد تدفع الجيش الروسي لاحتلال أراض أخري لضمان تواصل كاليننغراد مع روسيا دون أية عوائق. كما أن ألمانيا وفرنسا لا ترغبان في خوض حرب تدور غمارها على أراضيهم ضد روسيا التي تتبع أسلوب الأرض المحروقة. ولا تترك مرافق ولا مباني إلا وسوت به الأرض قبل أن تحتله. وهذا ما فعلته في كل مدن أوكرانيا وهي تعلم يقينا أن الحرب داخل أوروبا وضد روسيا سيكون ثمنه باهظا. وهي تعلم أن أمريكا ستظل أمنة وبعيدة عن الحرب وستدير الأمور من بعيد. بنفس السياسة التي نفذتها في الحرب العالمية الأولى والثانية. ولا تدخل الحرب إلا بعد أن يكون كل الأطراف قد استنزفوا كل ثرواتهم وقواتهم. و يظل الاقتصاد الأمريكي هو سيد العالم .
التنين الصيني الهادئ القوي يتابع ما يدور ويدعم الدب الروسي الذي يخوض الحرب ومن الواضح أن الصين تدرك أنها لن تستطيع ضم جزيرة تايوان إلا بالحرب ونغمة التدخل والمواجهة العسكرية المباشرة بين الصين وأمريكا يزداد إيقاعها يوميا ولا يمر يوم إلا والطلعات الجوية الصينية تمر فوق أجواء تايوان وبذلك تعلم الصين أن الدور القادم عليها هي وتستعد لكل الاحتمالات خلف روسيا التي تدير حربها في أوكرانيا بحسابات و دون اندفاع وضم إليه خمس الأراضي الأوكرانية الغنية بكل الثروات الزراعية والمعادن ومدن البحر الأسود وصنع ممرا بريا لجزيرة القرم ويتقدم اقتصاديا ويزداد الروبل الروسي قوة بعكس ما كانت تخطط له أمريكا و الاتحاد الأوروبي عندما ظنوا أن العقوبات الاقتصادية التي أعلنوها ستتسبب في انهيار الاقتصاد الروسي، وهو ما لم يحدث حيث زادت أسعار النفط والغاز ووصلت أكثر من 100% وباع الروس النفط للصين والهند بأسعار تفضيلية ورفضت السعودية زيادة إنتاج النفط حتى تستفيد هي الأخرى من زيادة أسعار النفط ويعود الاقتصاد السعودي قويا إلى سابق عهده قبل أن تندلع حربها مع الحوثيين في اليمن .
بريطانيا كانت تمثل رأس الحربة في الهجوم على روسيا. وتقديم الدعم العسكري بالسلاح والتدريب للجيش الأوكراني.وإلحاق أكبر الخسائر بالجيش الروسي بقدر الإمكان. وهي لا تعتمد على النفط أو الغاز الروسي مما أعطاها الفرصة للقيام بهذا الدور دون خسائر اقتصادية. ولكن أوكرانيا خسرت بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا الذي أجبر على تقديم استقالته من رئاسة الوزراء. وما زال زيلينسكي رئيس أوكرانيا الذي قدم شعبه ضحية للسياسات الأمريكية. ينتظر من سيخلف جونسون وهل سيقدم له نفس الدعم الذي كان يدعمه به أم ستتغير السياسات.
ولا زالت أوروبا لا تعلم أين سيكون اتجاه روسيا بعد أن ألتهم الدب الروسي شرق أوكرانيا بالكامل. وفتح باب الجنسية لكل أوكراني يرغب في التجنس بالجنسية الروسية. كما أنه مازال ممسكا بسلاح القمح الذي سيأتي دوره. لأن روسيا وأوكرانيا من أكبر الدول في العالم إنتاجا وبيعا للقمح. وما زالت أوروبا تستقبل ملايين اللاجئون الأوكران. و يدفع اقتصادها الثمن ولعلها تجد مخرجا من الفخ الذي أوقعها فيه العم سام.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية