لا شك أن التعديل الوزاري الذي تم قبل عدة أيام، يهدف إلى ضخ دماء وأفكار جديدة في عدة وزارات بهدف تطوير الأداء والتعامل مع التحديات والملفات المهمة برؤى وأفكار جديدة، يمكن من خلالها استخلاص سياسات مبدعة تتواكب وتوجهات الدولة نحو الجمهورية الجديدة، وتمكن الوزير من القفز على كل المعوقات البيروقراطية وبعض الفاسدين في الهيئات والمؤسسات التابعة لوزارته، وحتى تتمكن الوزارة من المساهمة في خطة الدولة للتنمية الشاملة، والدفع بالوطن إلى موقعه المستحق بين المجتمعات المتقدمة.
وإذا كان الشارع المصري قد ترقب هذا التعديل على الجانب الاقتصادي أملاً في تحقيق تغيير يساهم في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وآثارها على الاقتصاد المصري، وما تفرضه من تضخم وارتفاع أسعار وغيرها من التحديات على المشروعات العملاقة التي تنفذها الدولة، إلا أن هذا التعديل قد مس واحدة من أهم الوزارات التي تشغل عامة المصريين وهي وزارة التربية والتعليم.
الحقيقة أن الحديث عن تطوير التعليم في مصر يشغل عامة الناس باعتباره الأساس في قاطرة التنمية ونهضة وتحضر الأمم، وكثيراً ما سمعنا عن برامج وخطط من أجل هذا الهدف، ولا يكاد يتم اختيار وزير للتعليم، إلا ويبدأ بالإعلان عن مشروع جديد لتطوير التعليم، وللأسف جميعها ذهبت أدراج الرياح، مع أن مصر لها تجربة رائدة في التعليم على يد محمد على الذي بدأ بإنشاء الكتاتيب وتربية النشء في كل أقاليم مصر.
ثم اهتم بإرسال البعثات إلى الخارج والتي عادت برؤية ومشروع نهضة علمية، أتت ثمارها في خلال عقدين من الزمان وأسست لنهضة شاملة عرفتها مصر قبل كثير من دول العالم المتحضرة الآن، وربما يندهش البعض إذا عرف أن اليابان أرسلت بعثة إلى مصر وأوروبا، للوقوف على تجربتها وأسباب نهضتها العلمية، وهذه التجربة لم تتوقف عند الحدود المصرية، وإنما استفاد منها الأشقاء العرب جميعاً عندما أرسلت مصر بعثاتها التعليمية لنشر التعليم في الدول العربية.
مؤكد أن اختيار الدكتور رضا حجازي لتولي مسئولية وزارة التعليم قد لاقى ارتياحاً شديداً لدى المتخصصين وأيضاً عامة المصريين، باعتباره واحداً من أبناء هذه الوزارة، ويقف على جميع المشكلات والمعوقات التي تواجه العملية التعليمية برمتها، نظراً لتدرجه في المناصب داخل الوزارة بداية من عمله مدرساً بالمرحلة الإعدادية ثم مدرساً بالمرحلة الثانوية، ثم حصوله على الماجستير والدكتوراه في مناهج وطرق التدريس مروراً بعمله أستاذاً للمناهج بالمركز القومي للامتحانات والتقويم والأكاديمية المهنية للمعلمين وغيرها من قطاعات الوزارة إلى أن أصبح نائباً لوزير التعليم في عام 2020.
ويمتلك سيرة ذاتية ضخمة تكشف عن معايشته الكاملة لواقع التعليم في مصر، وكلنا يعلم أن بداية العلاج والإصلاح تبدأ بالتشخيص الحقيقي للمرض والوقوف على حقائق الأمور، وليس هناك أعلم من الدكتور رضا حجازي بكل المعوقات والمشكلات التي تواجه التعليم.. وبرغم أن تطوير التعليم في مصر بشكل تحدياً للدولة بكاملها، ويحتاج إلى ميزانيات ضخمة، إلا أن الآمال معقودة على هذا الرجل باعتباره واحداً من أهم خبراء التعليم في مصر، وإذا استطاع أن يبدأ فقط بمرحلة رياض الأطفال والابتدائي لتأسيس جيل جديد يقدر العلم ولديه وعى بقيمة الوطن والسلوك المتحضر وغيرها من القيم الحضارية التي يتربى عليها النشء وتصبح جزءًا من ثقافته وهويته.. لوجدنا أمة جديدة ناهضة في خلال العقود القادمة.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية