الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة.. الدين والوطن للجميع.. بلادي بلادي لكي حبي وفؤادي، وغيرها الكثير من القيم والمبادئ التي رسخها زعماء الوفد وأسست للدولة الوطنية المصرية في أعقاب ثورة 19.
أمس الأول كانت ذكرى رحيل زعيمي الأمة سعد زغلول ومصطفى النحاس اللذين قادا تيار الحركة الوطنية المصرية لأكثر من نصف قرن، وصنعا فيها المجد لهذا الوطن.
والواضح أن سعد زغلول قد تأثر بدراسته في الأزهر وتتلمذه على يد الإمام جمال الدين الأفغاني والتصاقه وصداقته للإمام محمد عبده، وكانت الثورة العرابية سبباً لتلهب فيه حماس الشباب، ويلقى القبض عليه وحبسه عدة أشهر وبعد الإفراج عنه يتجه إلى مهنة المحاماة التي رفع من شأنها وأهميتها، لأنه لم يقبل الدفاع عن باطل، ولم يرفض الدفاع عن حق، وبعد انتقاله للعمل في القضاء، ترسخت لديه فكرة التمصير وإنشاء الجامعة المصرية، ودعا لاجتماع في بيته، وبدأ بالتبرع بمائة جنيه وانتهى الاجتماع بجمع 4485، وبعدها تولى وزارة المعارف، واتخذها ستاراً لجولاته في الأقاليم لشحذ همم المصريين، وفي العام التالي 1907 ترأس أول جمعية عمومية لإنشاء النادي الأهلي في مواجهة نادى الإنجليز – السكة الحديد – وبعد أن تولى وزارة الحقانية (العدل) عمد إلى تمصير المحاكم وترسيخ حق المقاومة.
وفي عام 1914 انتخب وكيلاً للجمعية التشريعية – البرلمان – وبدأ في المواجهة الفعلية مع الإنجليز والمطالبة باستقلال مصر ليتم القبض عليه ونفيه ورفاقه إلى جزيرة مالطة، وتنفجر شرارة ثورة 1919 من مدرسة الحقوق، وتعم القطر المصري كله ويضطر الإنجليز لإعادته إلى مصر ويخرج الشعب المصري بكامله لاستقباله وتسطر جريدة التايم البريطانية عنوان – سعد أعظم رجل في الكون – وتحصل مصر على استقلالها عام 1922 بعد إنهاء الحماية البريطانية وسقوط الولاية العثمانية وتتحول مصر إلى مملكة دستورية ويؤسس دستور 1923 للدولة الوطنية المصرية، وتحرير المرأة المصرية وحقوقها في العمل والتعليم والمشاركة السياسية، ويرسخ الدستور لدولة المواطنة والمساواة والحريات العامة وحرية الصحافة وحرية إنشاء الأحزاب والتعددية السياسية، وقواعد بناء اقتصاد وطني، وتجرى أول انتخابات تشريعية، ويكتسح الوفد الانتخابات ليشكل الزعيم سعد زغلول حكومة الشعب عام 1924 ويظل في كفاحه حتى وفاته عام 1927 ويستكمل مشواره الزعيم مصطفى النحاس.
وفي أول اجتماع للوفد المصري برئاسة مصطفى النحاس أصدر بياناً للأمة المصرية ملخصه – أيها المصريون إن الوفد المصري وقد كان أول مظهر لنهضتكم وأجرأ وثبة إلى مجدكم، سيبقى أميناً على عهده ولن يترك ميدان الشرف حتى يتحقق مجد البلاد باستقلالها التام، وبعد أسبوع واحد اصطدم النحاس مع الملك والإنجليز، وتضطر بريطانيا لتوقيع معاهدة صداقة مع مصر وإجلاء قواتها إلى مدن القناة لحماية المجرى الملاحي الدولي، وظل الوفد في صراع من أجل ترسيخ حقوق الشعب المصري واستطاع ترسيخ حقوق العمال ومجانية التعليم، وترسيخ الحريات العامة وحرية الصحافة وتعظيم الاقتصاد المصري وإنشاء جامعة الدول العربية وإرسال البعثات والمنح والمساعدات إلى الدول العربية، وشهدت مصر في هذه الحقبة إبداعاً سياسياً واقتصادياً وثقافياً وفكرياً وفنياً وأدبياً حتى أصبحت القاهرة قبلة الشرق ومنارتها.
ويستمر صراع النحاس مع الملك والإنجليز ويعلن إلغاء معاهدة 36 واعتبار القوات الإنجليزية في مدن القناة غير شرعي ويطلق المقاومة ضدها، وتقدم الشرطة المصرية أروع المثل في الوطنية والفداء يوم 25 يناير 1952 في مواجهة قوات الاحتلال وفي اليوم التالي يتم تدبير حريق القاهرة وإقالة حكومة الوفد، وبعد قيام ثورة يوليو 52، يعيش زعيم الأمة مصطفى النحاس وحيداً فقيراً في بيته حتى وفاته عام 1965 لتخرج جموع الشعب المصري في وداعه بالهتاف- عشت زعيماً ومت زعيماً يا نحاس.
رحم الله زعماء الأمة وكل شهدائها البواسل.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية