لا شك أن الصناعة هي أهم دعائم الاقتصاد، وكلنا يعلم أن الثورة الصناعية التي حدثت في الغرب كانت أساس التنمية والرفاهية التي عاشتها أوروبا وأمريكا، قبل عقود طويلة، وهي ذاتها التي قادت الصين حاليا إلى النهوض الاقتصادي، باعتبار أن الصناعة أهم مصادر الدخل، وأيضا تغطي السوق المحلي باحتياجاته من المنتجات، بالإضافة إلى توفير فرص العمل ومحاصرة البطالة، والصناعة كذلك تساعد على التخلي عن الاستيراد من الخارج.
وربما تكون جائحة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأكرانية التي نتج عنها ارتباك شديد في أسواق العالم قد أكدتا على الحاجة الملحة لتوطين الصناعة في مصر، ومنح هذا القطاع أولوية قصوى لدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتوجيهاته المستمرة للحكومة إلى تذليل كافة الصعاب أمام هذا القطاع.
وقبل يومين عقد الرئيس اجتماعين لمتابعة خطط وزارة الصناعة والتجارة لزيادة الاستثمارات الصناعية وتعزيز إنتاج المجمعات الصناعية، واجتماع آخر مع عدد من رجال الأعمال والمستثمرين المصريين في قطاعات الصناعة المختلفة.
الحقيقة أن هناك جدية كبيرة لتوطين الصناعة في مصر خلال المرحلة المقبلة، وهناك توجيهات للحكومة لتذليل كافة الصعاب أمام رجال الأعمال وأيضا الشباب، والوقوف على كافة التحديات التي تواجه هذا القطاع سواء كانت متعلقة بالتشريعات والقوانين أو الجهاز التنفيذي للدولة وأيضا جوانب التمويل.
وفى هذا الإطار بات من الضروري مراجعة كثير من الإجراءات التي مازالت تشكل عائقاً أمام انطلاق هذا القطاع لتحقيق المستهدف منه خاصة – المجمعات الصناعية – التي لاتزال محدودة الإنتاج وأيضا محدودة الانتشار، وهناك نماذج لبعض المجمعات الصناعية تعاني من مشاكل كثيرة وفى حاجة لإعادة مراجعة منها مواقع هذه المجمعات والبنية الأساسية لها، والتعامل معها بشكل بيروقراطي.
ومن المؤكد أن الرئيس قد استمع لكافة الشواغل التي تواجه رجال الأعمال في هذا القطاع، وكلنا يعلم أن الاستثمار المحلى هو أكبر ضمانة لجذب الاستثمارات الأجنبية وقادر على استعادة الصورة الذهنية الإيجابية عن مناخ الاستثمار بشكل عام في مصر.
يبقى جانب مهم في قضية توطين الصناعة في مصر، وهو التركيز على الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، باعتبارها صناعات تجذب أكبر قدر من الأيدي العاملة، وأيضا رؤوس أموالها صغيرة ويستطيع كثير من الشباب القيام بها في شتى أنحاء مصر.
وهذه المشروعات الصغيرة، ينتظرها عشرات الآلاف الذين كانوا يقومون سابقاً بالاستيراد من الصين، وأصبحوا خبرة كبيرة في المنتجات التي كانوا يستوردونها وعلى استعداد بالقيام بتصنيع هذه المنتجات ويبحثون عن فرص من خلال ورش أو مصانع صغيرة بنظام حق الانتفاع، وهو أمر يدعو الحكومة للتفكير بجدية تجاه قطاع كبير كان يقوم بالاستيراد ويبحث عن فرصة للتصنيع داخل بلده.
وأيضاً يمكن أن تقوم الحكومة بالاتفاق مع البنوك الوطنية على تمويل هذه المشروعات الصغيرة بفائدة بسيطة جدا وتسهيلات في الحصول على هذه القروض وأيضا جميع الإجراءات الخاصة بالتراخيص والتشغيل وغيرها من الإجراءات حتى ينهض هذا القطاع، ويصبح أحد أهم روافد التنمية الشاملة في الجمهورية الجديدة.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية