نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي أثرت سلبًا على جيوب العباد وقسمت الرقاب، فإننا مطالبون بتغيير سياسة الموازين وإعادة النظر في عملية الشراء بعد اعتماد مسميات جديدة في حياتنا وذلك لأحد أمرين، أولهما أن الأغلبية العظمى لم تعد تملك رفاهية الشراء بالكيلو وكذا الكميات الكبيرة للتخزين من السلع الغذائية والتموينية، وثانيهما مواجهة جشع التجار أصحاب الضمائر الميتة وسماسرة الأزمات في غياب الأجهزة الرقابية المنوط بها الرقابة والحماية.
آن الأوان أن نأخذ من الغرب بل ومن بعض البلدان العربية سياسة الشراء عن طريق الحبة الواحدة، بمعنى أن تشتري مستلزماتك فقط وفقا لحاجتك ولا داعي لسياسة البذخ والكميات الكبيرة، فما العيب إذا كنت تريد عدد «تفاحة» واحدة أو حبة مانجو أو قطعة بطيخ أو رغيف خبز أو شريحة لحم أو قطعة دجاج.
أنا شخصيا لا أجد غضاضة في ذلك ولا أنتم كذلك، فلن يتهمك أحد بالبخل والحرص والحرمان، بل إن تلك العادات الجديدة ستكون فرصة كبيرة لبداية إعادة النظر في الكثير من عاداتنا الاستهلاكية في ظل ما يعاني منه الغالبية العظمى من أبناء الشعب.
لابد أن تتغير ثقافتنا الاستهلاكية وفقًا لمقتضيات الأمور كمشترين ومستهلكين وإن كان الأمر سيمر في بدايته بصعوبة كبرى خاصة عند تجار الجشع الذين سيرفضون البيع بنظام الآحاد والجرامات ليغادرهم المستهلك حاملًا في يده كيس صغير به كل متطلباته بدلًا من الإسراف والتبذير لتكتظ فيما بعد صناديق القمامة بمنتجات زائدة عن الحاجة كان الأولى عدم شرائها، ولكنها عن البعض «فشخرة كدابة».
الدولة مطالبة أن تبدأ بنفسها عبر مجمعاتها الاستهلاكية وسياراتها المنتشرة بالشوارع للبيع بأسعار منافسة، أن تبدأ بهذه التجربة التي نأمل أن يتفاعل معها الجمهور سريعًا ليكون البيع بالجرام والحبة الواحدة ترشيدًا للإنفاق وسدًا للجوع واتباعًا لسياسات اقتصادية جديدة ترفع عن كاهلنا فاتورة الحرمان والاستيراد.. ونتبع في الوقت ذاته سياسة صحية ليأكل كل منا فقط ما يحتاجه ليحيا بعيدًا عن التخمة ونظرية آخر الزاد.
الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم تفرض علينا إعادة النظر في الكثير من تصرفاتنا وخصوصًا الاستهلاكية، وإذا كنا أخذنا من الغرب كل شيء فما العيب أن نستفيد بتجاربهم الاستهلاكية ونقتدي في الوقت ذاته بتعاليم ديننا الحنيف ورسولنا الكريم في حديثه الشريف « مَا ملأَ آدمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإِنْ كَانَ لا مَحالَةَ فَثلُثٌ لطَعَامِهِ، وثُلُثٌ لِشرابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» رواه الترمذي.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية