تظاهر أمس الأول عشرات الآلاف من الأشخاص من نحو 700 منظمة بيئية قبل افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، رافعين لافتات كتب عليها «بايدن.. أوقف الوقود الأحفوري» و«الوقود الأحفورى يقتلنا» و«أنا لم أصوت للحرائق والفيضانات».
المظاهرات الحاشدة تكشف حجم المأساة التى يعيشها العالم بسبب غضب الطبيعة الناتج عن التغير المناخي.
خبراء البيئة قالوا إن الفيضان الجامح الذي اجتاح درنة في ليبيا منذ أيام هو نتاج للتغير المناخي وإن مناطق أخرى مُعرضة لمواجهة نفس الجائحة. يقول بعض العلماء إن العاصفة غير المسبوقة في البحر المتوسط التي ضربت ليبيا واسقطت عليها أمطارًا غزيرة تحولت إلى فيضانات قتلت الآلاف، تحمل سمات التغير المناخي. وذكرت مجلة «TIME» الأمريكة أن العاصفة «دانيال» استمدت طاقة هائلة من مياه المتوسط الدافئة.
وبحسب العلماء، فإن الجو الأكثر دفئًا يحمل بخار الماء الذي يسقط على شكل مطر.
الأمم المتحدة نفسها قامت بتعريف تغير المُناخ بأنه ناتج عن الأنشطة البشرية. وقالت في تعريفها الرسمي له: «يمكن أن يكون تغير المناخ عملية طبيعية حيث تختلف درجات الحرارة وهطول الأمطار والرياح وعوامل أخرى على مدى عقود أو أكثر.
في ملايين السنين، كان عالمنا أكثر دفئًا وبرودةً مما هو عليه الآن. لكننا نشهد اليوم ارتفاعًا سريعًا غير مسبوق فى درجات الحرارة بسبب الأنشطة البشرية، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفورى الذى يولد انبعاثات الغازات الدفيئة».
إيه المشكلة؟ وماهو الوقود الأحفوري؟
الوقود الأحفوري هو وقود يُستعمل لإنتاج الطاقة. ويستخرج من المواد الأحفورية مثل الفحم الحجري، والغاز الطبيعي، والنفط، ومصادر الوقود التي يتم إنتاجها من بقايا الأحياء والنباتية والحيوانية القديمة.
تمتلك الولايات المتحدة وروسيا والصين أكبر رواسب الفحم في العالم، وتأتي بعدها أستراليا والهند وجنوب إفريقيا.
وهذه الميزة جعلت هذه الدول «صناعية كبرى» ولكنها جعلت العالم يعاني من التلوث والتغير المناخي الذي أدى لتغير الطبيعة وافسادها ثم غضبها، وهذا سر هتاف المتظاهرين ضد بايدن، والولايات المتحدة أكبر مستفيد من استخدام هذه الأنواع من الوقود، وعدم التزامها بالاتجاه نحو الطاقة النظيفة.
منظمة الأمم المتحدة أصدرت دراسة مهمة حول التأثير السلبي للوقود الأحفوري وتدميره للطبيعة، وضرورة الاتجاه نحو الطاقة النظيفة، ولكن رغم هذه التحذيرات الأممية من استعمال الطاقة المُضرة بالبيئة إلا أن الدول الصناعية الكبرى ترفض ترشيد الاستعمال السيئ لمصادر الوقود، وتواصل تدمير البيئة من أجل مصالحها الاقتصادية.
تقرير الأمم المتحدة يقول إن الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز، هو إلى حد بعيد أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي، إذ يمثل أكثر من 75 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية وحوالي 90 في المائة من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. (تُسمى الغازات الدفيئة بهذا الاسم لأنها تساهم في تدفئة جو الأرض السطحي).
يواصل التقرير تحذيراته قائلًا: العلم واضح: لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريبًا بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050.
ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى التخلص من اعتمادنا على الوقود الأحفوري والاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة وفي المتناول ومستدامة وموثوقة.
تتجدد مصادر الطاقة المتجددة (المتوفرة بكثرة فى كل مكان حولنا من خلال الشمس والرياح والمياه والنفايات وحرارة الأرض) بفضل الطبيعة وتنبعث منها غازات أو ملوثات قليلة إن لم تكن منعدمة.. لكن لا يزال الوقود الأحفوري يمثل أكثر من 80 في المائة من إنتاج الطاقة العالمي، لكن مصادر الطاقة الأنظف تزداد قوة. حوالى 29 بالمائة من الكهرباء تأتي حاليًا من مصادر متجددة.
ويكشف التقرير عن بعض المشكلات.. على سبيل المثال:
1- يعيش حوالي 80 في المائة من سكان العالم في بلدان تستورد الوقود الأحفوري، أي حوالي 6 مليارات نسمة يعتمدون على الوقود الأحفوري القادم من بلدان أخرى، مما يجعلهم عرضة للصدمات والأزمات الجيوسياسية.
2-إن انبعاثات الغازات الدفيئة المتزايدة نتيجة للنشاط البشرى تعمل بمثابة غطاء ملفوف حول الأرض، يحبس حرارة الشمس ويرفع درجات الحرارة.
3- تشمل أمثلة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان. وتأتي هذه الغازات من حرق الوقود الأحفوري مثل البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني. يمكن أن يؤدي تفريغ الأراضي والغابات أيضًا إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون. كما أن مدافن القمامة تعدّ مصدرًا آخر، بالإضافة إلى الطاقة والصناعة والزراعة والتخلص من النفايات، وهي من المصادر الرئيسية للانبعاثات.
4- وصلت تركيزات الغازات الدفيئة إلى أعلى مستوياتها منذ مليوني سنة وهي مستمرةٌ في الارتفاع. ونتيجةً لذلك، ارتفعت درجة حرارة الأرض بنحو 1.1 درجة مئوية عما كانت عليه في القرن التاسع عشر. وكان العقد الماضي هو الأكثر دفئًا على الإطلاق.
5- يعتقد الكثير من الناس أن تغير المناخ يعني أساسًا ارتفاع درجات الحرارة. لكن ارتفاع درجة الحرارة ليس سوى بداية القصة. نظرًا لأن كوكب الأرض عبارة عن نظام متكامل، حيث إن كل الأمور مرتبطة ببعضها البعض، فإن التغييرات في منطقة واحدة يمكن أن تؤثر على التغييرات في جميع المناطق الأخرى. تشمل عواقب تغير المناخ الآن، من بين أمور أخرى، الجفاف الشديد، وندرة المياه، والحرائق الكبيرة، وارتفاع مستويات سطح البحر، والفيضانات، وذوبان الجليد القطبي، والعواصف الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجي.
الموضوع خطير، وما حدث في ليبيا يمكن أن يتكرر إذا لم ينتبه العالم إلى أنه يصنع دماره بيده!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية