الكبير هو السند والظهر، الكبير هو القوة التي تحتمي فيها، الكبير هو الذي يفعل أفعال الكبار ويتسم بشيمهم النبيلة، هو الكبير بأخلاقه وأفعاله ومواقفه وحكمته ورصانته وقوته، له هيبة الأسود، وعقل الذئاب، وحكمة لقمان، ولسان هارون شقيق موسى عليه السلام، هو مصدر الأمان، يتكئ عليه الجميع ولا يشكو ولا يبخل مهما عانى الضغوط ومهما كانت الهموم والصعاب على كاهله.
ولأن مصر دولة كبيرة فقد جمعت كل هذه الصفات وزاد عليها من النعت الحميد ما زاد، فكانت هي التاريخ والحاضر والمستقبل، هي الرخاء والأمن والاستقرار، هي الشقيقة الكبرى التي تحتضن الجميع وتدفع الأذى عنهم بالحكمة والعقل والقوة الرشيدة وتوازن في الأقوال والأفعال، فلا تخطو خطوة ولا تتصرف إلا تصرفات الكبار، ولا ترد إلا بحكمة ولا تلتفت لصغائر الأمور ولا تنزلق لأية محاولات استفزاز، ولا تقبل المساس بها أو النيل من مكانتها، فهي الكبيرة القوية العاقلة الراشدة في المنطقة وما حولها، لذا لها ألف حساب من الجميع.
ورغم ما مرت به من ظروف صعبة وما يحاك ضدها، تظل ثابتة وراسخة، ولا تتخلى عن شقيقاتها، فتحمل على عاتقها هموم الشعب الليبي وكوارث ما يحدث في سوريا وتوتر السودان وشغب اليمن وحزن العراق وألم فلسطين وجرحه الذي ينزف على مدار أكثر من 70 عامًا، غير مبالية بصمت المجتمع الدولي وحشد الغرب وتكتيف الشرق الذين أغشوا أعينهم عما يقترف ضد الإنسانية من جرائم، تقف أمام الجميع أبية عصية قوية من أجل القضية الفلسطينية.
إن مصر هي صوت الرعد الذي لا يرتعش ولا يهاب، القلب الشجاع الذي لا يعرف الخوف، قاهرة أساطير الجيوش، دورها المسؤول لا يعرف الشجب والتنديد والاستنكار، ولأنها لا تعرف سوى طريق الأفعال ولا تسلك غيره، فكانت جهودها لإقرار السلام، ففرضت نفسها وراحت تطوي الأرض بمبادرة «إعادة إعمار غزة» وعبرت الحدود بالأطقم الهندسية والمعدات والآلات في 2021 وحتى 2023، في الوقت الذي كانت تخرب فيه إسرائيل كل شبر في الأراضي المقدسة وتروي الرمال بدماء الأبطال من أبناء فلسطين الأبرار.
راحت مصر ترفع الأنقاض التي خلفتها عمليات القصف التي شنتها إسرائيل وحماس، ونفذت مشروعات عملاقة لصالح الأشقاء هناك دون رهبة أو تردد أمام عالم يكيل بمكيالين ويقف صامتا أمام جرائم ترتكب، ومجازر تفتعل، لا يأبى أن يكون هناك سلاما فحسب، بل يشارك في زيادة معدلات الجرائم واغتصاب الحقوق زورا، حتى وإن كان على حساب دول شقيقة أخرى، وهو ما لن يحدث أبدا.
لقد بلغت جهود مصر في إعادة إعمار غزة قبل قصفها من الاحتلال الصهيوني نحو 500 مليار دولار، في وقت تمر مصر فيه بأحلك الظروف الصعبة على كافة الأصعدة، في إشارة واضحة للجميع أن الشقيقة الكبرى لا تتوانى لحظة في الإيثار على نفسها حتى ينعم الجميع بسلام وأمن واستقرار.
وما يحدث اليوم من تصدر مصر المشهد وتبنيها للقضية الفلسطينية وتواصل العالم كله معها وحرصها على إدخال المساعدات والمعونات لأهالي غزة لا يحمل تآويل أو معنى سوى معنى واحد فقط أن مصر شقيقة كبرى لها ألف حساب لدى الجميع إقليميا ودوليا هي الأمن والأمان والريادة والحضارة والتاريخ.
الجميع يعي ويفهم جيدا أن مصر ستظل هي الكبيرة أفعالا وأقوالا في كل زمان ومكان رغما عن الجميع، والمساس بالكبير دائما خط أحمر وعواقبه وخيمة، ولم ولن يحدث أن تسمح لأحد المساس بها مهما كلف الأمر بحكمة ورشد واتزان.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية